أسئلة يتكرّر طرحها عن إنفلونزا الطيور
تم تنقيحها في كانون الأول/ديسمبر 2005
- ما هي إنفلونزا الطيور؟
- ما هي الفيروسات الشديدة الإمراض؟
- هل تتسبّب الطيور المهاجرة في انتشار المرض؟
- ما هي سمات الفاشيات التي تصيب الدواجن حالياً؟
- ما هي البلدان التي تضرّرت من الفاشيات التي تصيب الطيور؟
- ما هي آثار هذا المرض على صحة البشر؟
- أين حدثت الحالات البشرية؟
- كيف يُصاب المرء بهذا المرض؟
- ما مدى مأمونية لحوم الدواجن ومشتقاتها؟
- هل ينتقل الفيروس بسهولة من الطيور إلى البشر؟
- ماذا عن مخاطر الجائحة؟
- ما هي التغييرات التي يجب أن تطرأ على الفيروس H5N1 ليصبح فيروساً جائحاً؟
- ما معنى الانتقال المحدود بين البشر؟
- ما مدى ضخامة مخاطر الجائحة الراهنة؟
- هل هناك أسباب أخرى تدعو للقلق؟
- لماذا تمثّل الجوائح أحداثاً مروّعة؟
- ما هي أهمّ نُذر الجائحة؟
- ماذا عن استحداث لقاح وإنتاجه؟
- ما هي الأدوية المتوافرة؟
- هل يمكن توقّي الجائحة؟
- ما هي الإجراءات الاستراتيجية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية؟
- هل العالم على أهبة لمواجهة الوباء؟
- ما هي إنفلونزا الطيور؟
إنفلونزا الطيور مرض حيواني معد تتسبّب فيه فيروسات تصيب الطيور بالدرجة الأولى، وكذلك الخنازير في بعض الأحيان. وتصيب فيروسات إنفلونزا الطيور أنواعاً معيّنة من الحيوانات، غير أنّها تمكّنت في حالات نادرة من اختراق الحواجز القائمة بين الأنواع وإصابة البشر.
وتؤدّي إصابة الدواجن بالعدوى الناجمة عن فيروسات إنفلونزا الطيور إلى حدوث شكلين رئيسيين من المرض يتميّزان بفوعة فيروسية متفاوتة. أمّا "الشكل الخفيف" فهو يتسبّب عموماً في أعراض معتدلة (انتفاش الريش أو انخفاض معدل وضع البيض) وكثيراً ما يصعب اكتشافه. وأمّا الشكل الشديد الإمراض فهو يحدث أضراراً أكبر بكثير، ذلك أنّه ينتقل بسرعة بين أسراب الدواجن ويتسبّب في مرض يصيب العديد من الأعضاء الباطنية، كما أنّه يفتك بكل الطيور المصابة به تقريباً، وذلك في غضون 48 ساعة في كثير من الأحيان.
- ما هي الفيروسات الشديدة الإمراض؟
إنّ فيروسات الإنفلونزا من النمط (A) تتفرّع إلى 16 نمطاً فرعياً (H) و9 أنماط فرعية (N). ومن المعروف أنّ الفيروسين H5 و H7 هما النمطان الشديدا الإمراض دون سواهما. غير أنّ تلك السمة لا تشمل جميع الأنماط الفيروسية الفرعية H5 و H7. فجميعها لا يتسبّب بالضرورة في مرض حاد لدى الدواجن. (أنظر أسفل الصفحة 1 و 2)
ويفد الفيروسان H5 و H7 إلى أسراب الدواجن، استناداً إلى البيّنات المتاحة، في شكلهما الخفيف. غير أنّهما قادران على التحوّل إلى الشكل الشديد الإمراض خلال بضعة أشهر، إذا ما تمكّنا من الانتقال بين تلك الأسراب. وبناء عليه، يثير وجود أحد هذين الفيروسين لدى الدواجن، في جميع الحالات، قلقاً كبيراً، حتى عندما تكون العلامات الأولية للعدوى خفيفة.
- هل تتسبّب الطيور المهاجرة في انتشار المرض؟
لا توجد معلومات وافية عن الدور الذي تؤدّيه الطيور المهاجرة في انتشار فيروس إنفلونزا الطيور الشديد الإمراض. وتُعد الطيور المائية البريّة المستودع الطبيعي لجميع فيروسات الإنفلونزا من النمط (A). وربما حملت تلك الطيور فيروسات الإنفلونزا طوال قرون عديدة دون إحداث أيّة أضرار ظاهرة. ويُعرف أنّ تلك الطيور تحمل الفيروسين H5 و H7، ولكن في شكلهما "الخفيف" عادة. وتشير كثير من البيّنات المسهبة إلى إمكانية تسبّب الطيور المهاجرة في إدخال الشكل الخفيف من الفيروسين H5 و H7 إلى أسراب الدواجن، وبعد ذلك يتحوّل ذلك الشكل إلى شكل شديد الإمراض.
ولم تُعزل الفيروسات الشديدة الإمراض من الطيور المهاجرة، في الماضي، إلاّ في حالات نادرة تعلّقت ببعض الطيور التي عادة ما توجد نافقة قرب سرب من الدواجن المصابة بفاشية. وظلت تلك الملاحظات توحي، لمدة طويلة، بأنّ الطيور المائية البريّة ليست من العوامل المتسبّبة في انتقال تلك الفيروسات.
وبات من المرجّح، استناداً إلى أحداث وقعت في الآونة الأخيرة، أنّ بعض الطيور المهاجرة تسهم مباشرة في نقل الفيروس H5N1 في شكله الشديد الإمراض. ومن المتوقّع أن ينتشر الفيروس إلى مناطق جديدة أخرى.
- ما هي سمات الفاشيات التي تصيب الدواجن حالياً؟
إنّ الفاشيات الراهنة الناجمة عن فيروس إنفلونزا الطيور الشديد الإمراض، والتي بدأت في جنوب شرق آسيا في منتصف عام 2003، هي الأشدّ اتساعاً والأشدّ وخامة من ضمن فاشيات المرض المُسجّلة حتى الآن. فلم يشهد التاريخ قط عدداً مماثلاً من البلدان الموبوءة بهذا المرض، ممّا أدّى إلى خسارة عدد كبير من الطيور.
وقد أظهر العامل المسبّب للمرض، وهو الفيروس H5N1، استحكاماً خاصاً. وعلى الرغم من نفوق أو إعدام نحو 150 مليون طير، لا يزال الفيروس يتوطن مناطق عديدة من إندونيسيا وفييت نام وبعض المناطق من كمبوديا والصين وتايلند، وربما أيضاً جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية. ومن المتوقّع أن تستغرق مكافحة المرض لدى الطيور عدة أعوام.
ويمثّل الفيروس H5N1 أيضاً، على النحو المبيّن أدناه، أحد الهواجس الصحية البشرية الخاصة.
- ما هي البلدان التي تضرّرت من الفاشيات التي تصيب الطيور؟
تم، في الفترة الممتدة من منتصف كانون الأول/ديسمبر 2003 إلى مطلع شباط/فبراير 2004، الإبلاغ عن حدوث فاشيات لدى الطيور تسبّب فيها الفيروس H5N1، وذلك في ثمانية بلدان آسيوية (حسب تاريخ الإبلاغ) هي: جمهورية كوريا وفييت نام واليابان وتايلند وكمبوديا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وإندونيسيا والصين. ومعظم تلك البلدان لم يشهد من قبل حدوث أي فاشية بسبب فيروس إنفلونزا الطيور الشديد الإمراض.
وأبلغت ماليزيا، في مطلع آب/أغسطس 2004، عن حدوث أول فاشية لدى الدواجن في أراضيها بسبب الفيروس H5N1، وأصبحت بالتالي الدولة الآسيوية التاسعة التي طالها الفيروس. أمّا روسيا فقد أبلغت عن أول فاشية لدى الدواجن في أواخر تموز/يوليو 2005، وأعقب ذلك الإبلاغ عن حدوث فاشية في بعض مناطق كازاخستان المجاورة في مطلع آب/أغسطس. وتم الإبلاغ، في كلا البلدين، عن حدوث حالات نفوق طيور مهاجرة بسبب الفيروس H5N1 الشديد الإمراض. وفي الفترة ذاتها تقريباً، أبلغت منغوليا عن اكتشاف الفيروس H5N1 في طيور مهاجرة نافقة. وتأكّد، في تشرين الأول/أكتوبر 2005، وجود ذلك الفيروس في الدواجن في تركيا ورومانيا. ويجري، في المناطق الأخرى، تحرّي الفاشيات التي أصابت بعضاً من الدواجن والطيور البريّة.
وأعلنت اليابان وجمهورية كوريا وماليزيا عن تمكّنها من السيطرة على الفاشيات التي أصابت أسراب الدواجن فيها، وهي تُعتبر الآن خالية من المرض. أمّا المناطق الموبوءة الأخرى فلا تزال الفاشيات مستمرة فيها بدرجة متفاوتة من الوخامة.
- ما هي آثار هذا المرض على صحة البشر؟
إنّ استحكام الفيروس H5N1 على نطاق واسع لدى الدواجن يشكّل خطرين اثنين على صحة البشر.
أمّا الأول فهو خطر حدوث عدوى مباشرة عندما ينتقل الفيروس من الدواجن إلى البشر ويؤدّي إلى حدوث مرض شديد الوخامة. وتسبّب الفيروس H5N1، من أصل مجموع الفيروسات التي اخترقت الحواجز القائمة بين الأنواع، في حدوث أكبر عدد من الحالات المرضية الوخيمة والوفيات لدى البشر. وعلى عكس الإنفلونزا الموسمية العادية، التي لا تحدث سوى أعراض تنفسية خفيفة لدى معظم الناس، فإنّ المرض الناجم عن الفيروس H5N1 يتبع نمطاً سريرياً غير مألوف ويؤدّي إلى تدهور صحي سريع وإلى الوفاة في غالب الأحيان. ومن أعراضه المألوفة حدوث التهاب رئوي فيروسي أولي وقصور في عمل العديد من الأعضاء. وقد أدّى الفيروس، في الفاشية الراهنة، إلى وفاة أكثر من نصف عدد الأشخاص الذين أُصيبوا به. وحدثت جميع الحالات في أطفال وشباب كانوا في صحة جيدة قبل إصابتهم بالعدوى.
وأمّا الخطر الثاني، الذي يدعو لقلق أكبر، فهو يتمثّل في قدرة الفيروس، إذا ما أُتيحت له الظروف المواتية، على التحوّل إلى شكل شديد العدوى وعلى الانتقال بين البشر بسهولة. ومن شأن ذلك التحوّل إحداث فاشية عالمية (جائحة).
- أين حدثت الحالات البشرية؟
تم الإبلاغ، في الفاشية الراهنة، عن حدوث حالات بشرية مؤكّدة مختبرياً في أربعة بلدان هي: كمبوديا و إندونيسيا وتايلند وفييت نام.
وشهدت هونغ كونغ حدوث فاشيتين في الماضي. ففي عام 1997 تمكّن الفيروس H5N1، عندما سُجّلت أول حالات بشرية من العدوى به في ذلك البلد، من إصابة 18 شخصاً أودى بحياة ستة منهم. كما تسبّب الفيروس، في مطلع عام 2003، في إصابة شخصين من أسرة واحدة أودى بحياة أحدهما. وتبيّن أنّ أفراد تلك الأسرة قاموا برحلة إلى جنوب الصين قبل ذلك بفترة قصيرة.
- كيف يُصاب المرء بهذا المرض؟
تُعتبر مخالطة الدواجن الموبوءة أو التماس مع الأسطح أو الأدوات الملوّثة بذرقها، حالياً، السبب الرئيسي لإصابة الناس بالعدوى. ومعظم الحالات البشرية المُسجّلة حتى الآن حدثت في مناطق ريفية أو في أرباض المدن، حيث تعمد أسر كثيرة إلى تربية أسراب صغيرة من الدواجن التي تُترك، في غالب الأحيان، طليقة تدخل البيوت وتجوب المناطق التي يلعب فيها الأطفال. وهكذا تتزايد فرص التعرّض للإفرازات الموبوءة أو للبيئات الملوّثة بالفيروس، ذلك أنّ الطيور الموبوءة تفرز كميات كبيرة من الفيروس في ذرقها. وهناك، علاوة على ذلك، أسر كثيرة في آسيا تبيع أو تذبح أو تستهلك الطيور التي ترّبيها عند ظهور علامات المرض عليها ويبدو من الصعب تغيير تلك الممارسة، ذلك أنّ تلك الأسر تعتمد على الدواجن لزيادة دخلها أو للأكل. وحالات التعرّض تزداد أثناء عمليات ذبح الدواجن ونزع ريشها وتقطيعها وتحضيرها للطهي.
- ما مدى مأمونية لحوم الدواجن ومشتقاتها؟
إنّ لحوم الدواجن ومشتقاتها مأمونة فعلاً، غير أنّه ينبغي الأخذ ببعض الاحتياطات في البلدان التي تشهد حالياً حدوث فاشيات من المرض. أمّا في المناطق الخالية من المرض، فيمكن تحضير لحوم الدواجن ومشتقاتها وطهيها كالعادة (مع اتّباع الممارسات التي تضمن النظافة الجيدة أثناء تحضير الدواجن وتضمن طهيها بطرق سليمة)، دون أي مخاوف من الإصابة بالعدوى الناجمة عن الفيروس H5N1. virus.
ويمكن أيضاً استهلاك لحوم الدواجن ومشتقاتها بأمان، شريطة أن يتم طهيها بطريقة جيدة ومناولتها بطرق سليمة أثناء إعداد الطعام. وتجدر الإشارة إلى أنّ للفيروس H5N1 حساسية تجاه الحرارة. والحرارة الطبيعية المُستخدمة لطهي الطعام (70 درجة مئوية في جميع أجزاء الطعام) كفيلة بالقضاء عليه. وعلى المستهلكين التحقّق من طهي لحوم الدواجن تماماً (عدم وجود أجزاء "وردية" اللون) ومن طهي البيض أيضاً بالشكل المناسب (التأكّد من عدم "سيلان" الصفار).
كما ينبغي أن يعي المستهلكون مخاطر التلوّث المتبادل. فلا ينبغي السماح أبداً بأن يحدث اتصال أو خلط، لدى إعداد الطعام، بين سوائل لحوم الدواجن ومشتقاتها النيئة وبين المنتجات الأخرى التي تُستهلك نيئة. وينبغي لمعدّي الطعام، لدى مناولة لحوم الدواجن ومشتقاتها النيئة، غسل أيديهم بطريقة جيدة وتنظيف الأماكن التي توضع فيها تلك اللحوم والمشتقات وتطهيرها. ويكفي استخدام الصابون والماء الساخن للقيام بذلك.
ولا ينبغي، في المناطق التي تشهد حدوث فاشيات من المرض، استخدام البيض النيئ في الأطعمة التي لا يتم إخضاعها لطهي إضافي، بطريقة عادية أو في الفرن على سبيل المثال.
ولا تنتقل إنفلونزا الطيور عن طريق الأطعمة المطهية. ولا توجد، حتى الآن، بيّنات تشير إلى إصابة شخص بالعدوى عقب استهلاكه لحوم دواجن أو مشتقات منها تم طهيها بطريقة سليمة، حتى ولو كانت تلك الأطعمة ملوّثة بفيروس H5N1.
- هل ينتقل الفيروس بسهولة من الطيور إلى البشر؟
لا. فعلى الرغم من حدوث أكثر من 100 حالة بشرية في الفاشية الراهنة، لا يزال ذلك العدد ضئيلاً مقارنة بضخامة عدد الطيور الموبوءة والفرص العديدة التي يتم فيها تعرّض البشر للطيور، وبخاصة في المناطق التي تكثر فيها تربية أسراب الدواجن في البيوت. ولا يُفهم، حتى الآن، سبب إصابة بعض الأشخاص بالعدوى دون سواهم عقب التعرّض للطيور بشكل مماثل.
- ماذا عن مخاطر الجائحة؟
يمكن أن تبدأ الجائحة عندما تُستوفى شروط ثلاثة هي: عندما يظهر نمط فيروسي فرعي جديد من فيروسات الإنفلونزا؛ وفي حال أصاب ذلك النمط البشر وأدّى إلى حدوث وفيات كثيرة؛ وإذا ما تمكّن من الانتشار بين البشر بسهولة وعلى نحو مستديم. ويستوفي الفيروس H5N1 الشرطين الأولين تماماً: فهو فيروس لم يعهده الناس من قبل (لم يسبق لفيروسات H5N1 الانتشار على نطاق واسع بين البشر)، وقد تمكّن فعلاً من إصابة ما يزيد على 100 شخص أدّى إلى وفاة أكثر من نصفهم. وبالتالي لن تكون لأحد مناعة كافية تحميه إذا ما ظهر فيروس جائح من قبيل الفيروس H5N1.
وقد استُوفيت جميع الشروط اللازمة لظهور جائحة عدا شرط واحد: انتقال الفيروس بين البشر بصورة فعالة ومستديمة. وستظل مخاطر اكتساب الفيروس تلك القدرة قائمة طالما أُصيب البشر بالعدوى. وستتواصل إصابة البشر بالعدوى طالما استمر الفيروس في الانتشار لدى الطيور، وقد يستمر الوضع على ما هو عليه لمدة سنوات عديدة.
- ما هي التغييرات التي يجب أن تطرأ على الفيروس H5N1 ليصبح فيروساً جائحاً؟
يمكن للفيروس تحسين قدرته على الانتقال بين البشر من خلال آليتين اثنتين. وتتمثّل الآلية الأولى في ظاهرة "الاندماج" التي يتم فيها تبادل مواد جينية بين الفيروس الذي يصيب البشر والفيروس الذي يصيب الطيور، وذلك خلال حالات عدوى متزامنة لدى الإنسان أو الخنزير. ويمكن أن تسفر تلك الظاهرة عن ظهور فيروس جائح له القدرة التامة على الانتقال بين البشر. ومن بوادر ظهوره تزايد مفاجئ في عدد الحالات البشرية وانتشارها بشكل مذهل.
أمّا الآلية الثانية فهي "الطفرة التكيّفية" التي تُعد عملية أكثر تدرّجاً والتي تتزايد عن طريقها قدرة الفيروس على الاتصال بالخلايا البشرية مع توالي الإصابات البشرية. ومن شأن الطفرة التكيّفية، التي وُصفت في أول الأمر بمجموعات من الحالات البشرية توحي بانتقال العدوى فيما بينها، إعطاء العالم بعض الوقت لاتخاذ إجراءات مضادة.
- ما معنى الانتقال المحدود بين البشر؟
لقد سُجّلت بعض الحالات النادرة التي انتقل فيها الفيروس H5N1 وغيره من فيروسات إنفلونزا الطيور بشكل محدود بين البشر جرّاء حدوث فاشيات بين الدواجن، ولا ينبغي أن يثير ذلك أية مخاوف. ذلك أنّ الفيروس لم يتجاوز، في أي من الحالات المذكورة، الجيل الأول من المخالطين الحميمين ولم يتسبّب في إصابة المجتمعات المحلية بأسرها. وتشير البيّنات المستقاة من تلك الحالات إلى أنّ انتقال الفيروس يقتضي مخالطة المريض عن كثب. ويجب أن يتم تحرّي تلك الحالات بشكل دقيق. غير أنّ وجود تلك الحالات لن يغيّر التقييم الإجمالي الذي أجرته منظمة الصحة العالمية بشأن مخاطر الجائحة، رهناً بخلوص التحرّيات إلى أنّ الفيروس ينتقل بين البشر بشكل محدود جداً. وقد سُجل عدد من حالات العدوى بإنفلونزا الطيور لدى أفراد أسرة واحدة. ويتعذّر، في كثير من الأحيان، تحديد ما إذا كان الفيروس انتقل فعلاً بين أفراد الأسرة الواحدة، ذلك أنّ جميعهم معرّض للحيوانات والمصادر البيئية ذاتها، كما أنّ كلا منهم معرّض للآخر.
- ما مدى ضخامة مخاطر الجائحة الراهنة؟
إنّ مخاطر جائحة الإنفلونزا مخاطر ضخمة بالفعل. والآن وقد استفحل الفيروس H5N1 بشدة في مناطق واسعة من القارة الآسيوية، فإنّ احتمال وقوع المزيد من الحالات البشرية سيظل قائماً. وتعطي كل حالة بشرية إضافية فرصة للفيروس لتحسين قدرته على الانتقال بين البشر، والتطوّر بالتالي إلى سلالة جائحة. وزاد انتشار الفيروس مؤخراً إلى الدواجن والطيور البريّة في مناطق جديدة من إمكانيات حدوث حالات بشرية. والجدير بالذكر أنّ احتمال حدوث جائحة قد زاد على الرغم من تعذّر التنبؤ بموعدها ووخامتها.
- هل هناك أسباب أخرى تدعو للقلق؟
نعم، هناك أسباب عدة
- يمكن لطيور البط الداجن، حالياً، إفراز كميات كبيرة من الفيروس الشديد الإمراض دون أن تظهر عليها علامات المرض، وهي تؤدي الآن دور "المستودع الخفي" وتنقل الفيروس إلى طيور أخرى. وذلك يضع عقبة أخرى أمام جهود المكافحة ويزيل العلامات التي تنذر البشر وتدفعهم إلى تلافي الممارسات المحفوفة بالمخاطر.
- أصبحت سلالات الفيروس H5N1 المنتشرة حالياً أكثر استحكاماً في البيئة وأكثر فتكاً بالفئران وحيوانات ابن مقرض (وهو من الثديات المستخدمة كنماذج في المختبرات) التي تُنقل العدوى إليها عمداً في إطار التجارب المختبرية، وذلك مقارنة بالسلالات التي كانت منتشرة في الفترة بين عام 1997 ومطلع عام 2004.
- يبدو أنّ الفيروس H5N1 قد وسّع من نطاق الكيانات التي يصيبها، فقد أصبح يصيب ويقتل أنواعاً من الثديات كانت تُعتبر فيما مضى من الأنواع المقاومة للعدوى الناجمة عن فيروسات إنفلونزا الطيور.
- هناك تغيّر يطرأ ربما على سلوك الفيروس في مستودعه الطبيعي، أي الطيور المائية البرّية. فقد شهد ربيع عام 2005 نفوق أكثر من 000 6 طير من الطيور المهاجرة في إحدى المحميات الطبيعية الواقعة في وسط الصين جرّاء إصابتها بالفيروس H5N1 الشديد الإمراض، ممّا يشكّل ظاهرة غير مألوفة وربما غير مسبوقة.
- لماذا تمثّل الجوائح أحداثاً مروّعة؟
تمثّل جوائح الإنفلونزا أحداثاً استثنائية يمكنها أن تطال بسرعة جميع البلدان تقريباً. ويبدو أنّه يتعذّر وقف تلك الجوائح عندما يبدأ انتشار الفيروس على الصعيد الدولي، وذلك بسبب سرعة انتقاله بين البشر عن طريق السعال أو العطس. وتزيد قدرة الأشخاص الموبوءين على إفراز الفيروس قبل ظهور الأعراض عليهم من مخاطر انتشار العدوى على الصعيد الدولي، وذلك عن طريق المسافرين بالطائرة العديمي الأعراض.
وثمة تباين كبير في شدّة المرض وعدد الوفيات الناجمة عن فيروس جائح ، وذلك أمر لا يمكن التنبؤ به قبل ظهور الفيروس. وبلغت معدلات الإصابة بالعدوى، خلال الجوائح السابقة، 25 إلى 35% من مجموع السكان. وسيشهد العالم، في أحسن الظروف، وفاة نحو مليونين إلى 4ر7 مليون نسمة (تقديرات تستند إلى المعطيات المستقاة من جائحة 1957)، مع افتراض أنّ الفيروس الجديد لن يؤدي إلى حدوث سوى مرض خفيف. والتقديرات أكبر من ذلك بكثير في حال كان الفيروس أشدّ فوعة. فقد أودت جائحة 1918، التي كانت حدثاً استثنائياً، بحياة 40 مليون شخص على الأقل. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، قّدّر معدل الوفاة بين الحالات، خلال تلك الجائحة، بنسبة 5ر2%.
ويمكن أن تتسبّب الجوائح في زيادة هائلة في أعداد الناس الذين يحتاجون أو يلتمسون العلاج الطبي أو العلاج في المستشفى، ممّا يسهم في إجهاد المرافق الصحية بصورة مؤقتة. كما يمكن أن يؤدي ارتفاع معدلات التغيّب في صفوف العمال إلى انقطاع بعض الخدمات الأساسية، مثل إنفاذ القوانين والنقل والاتصالات. ومن شأن معدلات المرض الارتفاع وبلوغ ذروتها بسرعة فائقة لدى مجتمع معيّن، ذلك أن السكان سيصبحون شديدي التأثّر من فيروس مماثل للفيروس H5N1، ممّا يعني أنّ التدهور الاجتماعي والاقتصادي على المستوى المحلي لن يدوم طويلاً. غير أنّ ذلك التدهور قد يتضاعف بسبب نُظم التجارة الحالية التي تتّسم بالترابط والتداخل. ومن المتوقّع، استناداً إلى التجارب السابقة، حدوث موجة عالمية ثانية في غضون عام واحد.
ومن المرجّح، نظراً لاحتمال مواجهة جميع البلدان حالات طوارئ خلال الجائحة، أن يؤدي تفشي المرض على الصعيد الدولي إلى تقليص إمكانيات تبادل المساعدة بين البلدان، مثل التبادل الذي يُشاهد أثناء الكوارث الطبيعية أو فاشيات الأمراض المحصورة في مكان محدّد، وإلى تركيز الحكومات على حماية سكانها بالدرجة الأولى.
- ما هي أهمّ نُذر الجائحة؟
تتمثّل أهمّ إشارات الإنذار في الكشف عن مجموعات من المرضى تبدي أعراضاً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً من حيث زمان ومكان ظهورها، لأنّ ذلك يوحي بانتقال العدوى بين البشر. وبالمثل، قد يكون الكشف عن حالات لدى العاملين الصحيين الذين يقدمون الرعاية للمرضى المصابين بالفيروس H5N1 دليلاً على انتقال ذلك الفيروس بين الناس. وينبغي، بمجرّد الكشف عن تلك الحالات، تحرّي كل الحالات المحتملة في الميدان بشكل عاجل لتأكيد التشخيص وتحديد مصدر العدوى والتثبّت من انتقال الفيروس بين البشر.
ويمكن أن تدعم الدراسات التي تجريها مختبرات منظمة الصحة العالمية المرجعية المتخصصة على الفيروسات التحرّيات الميدانية من خلال الكشف عن التحوّلات الجينية وغيرها من التغيّرات التي تطرأ على الفيروس وتزيد من قدرته على إصابة البشر. وذلك ما يدفع المنظمة إلى توجيه طلبات متكرّرة إلى البلدان الموبوءة من أجل دعوتها إلى تبادل الفيروسات مع أوساط البحث الدولية.
- ماذا عن استحداث لقاح وإنتاجه؟
لا توجد بعد لقاحات ناجعة ضدّ فيروس جائح. ويتم، في كل عام، إنتاج لقاحات ضدّ الإنفلونزا الموسمية، ولكنّ تلك اللقاحات لن توفّر الحماية اللازمة ضدّ جائحة الإنفلونزا المحتملة. ومع أنّ بلداناً عدة تقوم حالياً باستحداث لقاح ضدّ الفيروس H5N1، فإنّ ذلك اللقاح لم يصل بعد إلى مرحلة الإنتاج التجاري، ومن غير المرجّح أن يُتاح أي لقاح ضدّ المرض إلاّ بعد مرور عدة شهور على بدء الجائحة.
وهناك بعض التجارب السريرية التي تُجرى لاختبار ما إذا كانت اللقاحات التجريبية توفّر الحماية الكاملة ضدّ الفيروس ولتحديد قدرة التركيبات المختلفة على ادّخار كمية المستضد اللازمة، ممّا يزيد من إمكانات الإنتاج. ولن يُشرع في إنتاج اللقاح بشكل تجاري وعلى نطاق واسع حتى يظهر فيروس جائح ويُعلن عن حدوث جائحة، ذلك أنّ اللقاح يجب أن يتواءم تماماً مع الفيروس الجائح. ولا تزال القدرة الإنتاجية الراهنة بعيدة جداً عن الطلب المتوقّع في حال حدوث جائحة.
- ما هي الأدوية المتوافرة؟
يتيح دواءان (من صنف مثبّطات النورامينيداز)، وهما أوسيلتاميفير (المعروف تجاريا باسم "تاميفلو") وزاناميفير (المعروف تجارياً باسم "ريلينزا")، إمكانية التقليل من وخامة المرض الناجم عن الإنفلونزا الموسمية وتقليص فترته. وتعتمد نجاعة مثبّطات النورامينيداز على عدة عوامل منها إعطاء تلك المواد في المراحل المبكّرة (في غضون 48 ساعة بعد ظهور الأعراض). وقد تسهم تلك الأدوية، فيما يخص حالات العدوى البشرية بالفيروس H5N1، في زيادة فرص البقاء على قيد الحياة إذا ما تم إعطاؤها في المراحل المبكّرة، ولكنّ المعطيات السريرية لا تزال محدودة. ومن المتوقّع أن يبدي الفيروس H5N1 تأثّراً حيال مثبّطات النورامينيداز. وتجدر الإشارة إلى أنّ مقاومة الفيروسات لتلك المواد كانت حتى الآن من الأمور المُهملة من الزاوية السريرية، غير أنّه يُحتمل الكشف عنها لدى استخدام تلك المواد على نطاق واسع في حال حدوث جائحة.
ويمكن استخدام صنف أقدم من الأدوية المضادة للفيروسات، مثل الأمانتادين والريمانتادين وهما من مثبّطات البروتين M2، من أجل مكافحة جائحة الإنفلونزا، غير أنّ الفيروس قادر على تطوير مقاومة سريعة ضدّهما، ممّا يمكنه الحدّ بصورة كبيرة من نجاعتهما في مكافحة جائحة الإنفلونزا. وتتّسم بعض سلالات الفيروس H5N1 المنتشرة حالياً بمقاومة كاملة إزاء مثبّطات البروتين M2. غير أنّ تلك المواد قد تكون ناجعة ضدّ فيروس جائح يظهر عن طريق الاندماج.
وفيما يخص مثبّطات النورامينيداز، تتمثّل العقبات الرئيسية (وهي عقبات ضخمة) في محدودية القدرة على إنتاجها وفي سعرها الباهظ جداً الذي يحول دون حصول البلدان عليها. ولا بد، بالنظر إلى القدرة الإنتاجية الراهنة التي ازدادت بنسبة أربعة أضعاف في الآونة الأخيرة، من مرور عقد من الزمن لإنتاج ما يكفي من دواء "أوسيلتاميفير" لعلاج 20% من سكان العالم. فعملية إنتاج ذلك الدواء معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً ومن الصعب نقلها إلى مرافق أخرى.
ومعظم حالات الالتهاب الرئوي القاتلة التي شوهدت حتى الآن لدى الحالات المصابة بالفيروس H5N1 كان ناجماً عن آثار الفيروس، لذا لم يتسن علاجها بالمضادات الحيوية. غير أنّ تلك المضادات كفيلة بإنقاذ الأرواح في حال تأخّر ظهور الالتهاب الرئوي، ذلك أنّ الإنفلونزا كثيراً ما تتسبّب في إصابة الرئتين بعدوى ثانوية جرثومية. وبناء عليه، ترى منظمة الصحة العالمية أنّ من الحكمة أن تحرص البلدان، مقدّماً، على ضمان إمدادات كافية من المضادات الحيوية.
- هل يمكن توقّي الجائحة؟
لا أحد يعلم ذلك على وجه اليقين. وتتمثّل أفضل وسيلة لتوقّي الجائحة في التخلّص من الفيروس لدى الطيور، ولكنّ الشكوك تتزايد في إمكانية تحقيق ذلك في المستقبل القريب.
وبفضل ما تبرّعت به دوائر الصناعة الصيدلانية من أدوية ستشكّل منظمة الصحة العالمية، قبل نهاية عام 2006، مخزوناً احتياطياً يتضمن 3 مقرّر علاجي من الأدوية المضادة للفيروسات. وتشير بعض الدراسات التي أُجريت مؤخراً على أساس نماذج رياضية إلى إمكانية استخدام تلك الأدوية كعلاجات اتّقائية عند بدء الجائحة، وذلك للحدّ من مخاطر ظهور فيروس له القدرة التامة على الانتقال بين البشر أو، على الأقل، تأخير انتشاره على الصعيد الدولي والتمكّن من ربح الوقت لتعزيز إمدادات اللقاح.
ويعتمد نجاح تلك الاستراتيجية، التي لم تُجرّب قط، على عدة افتراضات تتعلّق بسلوك الفيروس الجائح في المراحل المبكّرة من الجائحة، وذلك أمر يتعذّر التنبؤ به. كما يعتمد النجاح على نوعية الترصد والإمكانات اللوجيستية في المناطق الموبوءة الأولى، إضافة إلى القدرة على فرض قيود على حركة التنقّل في اتجاه المناطق الموبوءة وانطلاقاً منها. ولا بد، لزيادة إمكانات نجاح التدخل في المراحل المبكّرة باستخدام مخزون منظمة الصحة العالمية الاحتياطي من الأدوية المضادة للفيروسات، من تحسين عملية الترصد في البلدان الموبوءة، وبخاصة القدرة على الكشف عن مجموعات الحالات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً من حيث زمان ومكان حدوثها.
- ما هي الإجراءات الاستراتيجية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية؟
أرسلت منظمة الصحة العالمية، في آب/أغسطس 2005، إلى جميع البلدان وثيقة تبيّن الإجراءات الاستراتيجية الموصى بها لمواجهة خطر جائحة إنفلونزا الطيور. وترمي تلك الإجراءات الاستراتيجية إلى تعزيز أنشطة التأهّب الوطنية والحدّ من إمكانيات ظهور فيروس جائح وتحسين نظام الإنذار المبكّر وتأخير الانتشار الأولي على الصعيد العالمي والإسراع باستحداث لقاح ضدّ المرض.
- هل العالم على أهبة لمواجهة الوباء؟
الجواب هو لا. وعلى الرغم من إنذار أولي دام عامين تقريباً، فإنّ العالم غير مستعد بالقدر الكافي لحماية نفسه في حال ظهور جائحة. وقد حثّت منظمة الصحة العالمية جميع البلدان على وضع خطط في مجال التأهّب، غير أنّ عدد البلدان التي قامت بذلك فعلاً لا يتجاوز 40 بلداً. كما حثّت المنظمة البلدان التي تملك موارد كافية على تخزين الأدوية المضادة للفيروسات على المستوى الوطني لاستخدامها عند بدء الجائحة. وتقوم نحو 30 بلداً، حالياً، باقتناء كميات كبيرة من تلك الأدوية، غير أنّ الجهة التي تنتج تلك الأدوية غير قادرة على تلبية جميع الطلبات بشكل فوري. ولن تُتاح لمعظم البلدان النامية، إذا استمرت الاتجاهات الراهنة، أي فرصة للحصول على اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات طوال فترة الجائحة.