تولي المنظومة الصحية في المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بـ حقوق المرضى، إدراكًا لأهمية تعزيز العلاقة بين المريض ومقدّم الخدمة الصحية على أسس من الكرامة الإنسانية، والعدالة، والشفافية، والاحترام المتبادل. وتُعد هذه الحقوق ركيزة جوهرية في بناء نظام صحي فعّال يقدّم رعاية صحية ذات جودة عالية، ويضمن سلامة المرضى، ويعزز من قدرتهم على التفاعل الإيجابي مع تجاربهم العلاجية. ويأتي هذا التوجه في إطار الالتزام بالمبادئ الإسلامية التي تحث على حفظ النفس، وصيانة كرامة الإنسان، وكذلك استنادًا إلى السياسات الصحية الوطنية التي تضع المريض في صميم العملية العلاجية، وتعتبر إشراكه في صنع القرار الصحي أحد معايير التميز في تقديم الرعاية.
ولا تقتصر حقوق المرضى على الجوانب العلاجية المباشرة فحسب، بل تشمل إطارًا أوسع يتناول مختلف أوجه العلاقة بين المريض والمنظومة الصحية. فهي تبدأ من حقه في الوصول إلى الخدمة الصحية بيسر، وتمر بحقه في الحصول على معلومات دقيقة وواضحة حول حالته الصحية وتشخيصه وخيارات العلاج المتاحة، وتصل إلى حقه في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن رعايته الصحية، سواء بالموافقة أو الرفض، دون أي ضغط أو تمييز. كما تشمل هذه الحقوق ضمان خصوصية المعلومات الصحية، والاحترام الكامل لثقافة المريض ومعتقداته، وتقديم الرعاية بعدالة وشفافية، بالإضافة إلى حقه في تقديم الشكاوى والاعتراضات وتلقي الردود المناسبة عليها ضمن آليات واضحة تحفظ كرامته وتصون حقه المشروع.
وفي هذا السياق، تعمل وزارة الصحة السعودية باستمرار على غرس ثقافة حقوق المرضى ضمن بيئة الرعاية الصحية، باعتبارها مسؤولية تكاملية تشمل جميع العاملين في القطاع الصحي. وقد وضعت الوزارة سياسات وإجراءات دقيقة تكفل التزام جميع المنشآت الصحية، الحكومية والخاصة، بهذه الحقوق، إلى جانب تنظيم برامج تدريبية مستمرة تستهدف الكوادر الطبية والإدارية لتعزيز وعيهم بأهمية احترام هذه الحقوق وتطبيقها ضمن الممارسات اليومية. كما تبذل الوزارة جهودًا حثيثة في نشر التوعية بين أفراد المجتمع، لتثقيف المرضى وذويهم بشأن حقوقهم وواجباتهم، وتمكينهم من المطالبة بها بوعي ومسؤولية.
ويأتي كل ذلك في إطار التوجه الوطني الهادف إلى تحقيق تحول صحي شامل، يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تحسين جودة الحياة، وتعزيز كفاءة وجودة الرعاية الصحية، وتمكين المريض من أن يكون شريكًا فاعلًا في رحلته العلاجية، وليس مجرد متلقٍ للخدمة. إن ترسيخ حقوق المرضى ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل هو ترجمة حقيقية لمبدأ “الإنسان أولاً"، وضمانة أساسية لبناء نظام صحي إنساني، آمن، ومبني على الثقة المتبادلة.