ما يتعين معرفته عن جائحة الأنفلونزا في عشر نقاط
14 تشرين الأول/ أكتوبر 2005
- جائحة الأنفلونزا تختلف عن أنفلونزا الطيور.
أنفلونزا الطيور عبارة عن مرض ينجم عن مجموعة كبيرة من مختلف فيروسات الأنفلونزا التي تصيب الطيور في المقام الأول. ويمكن لفيروسات الطيور هذه أن تنقل العدوى، في حالات نادرة، إلى أنواع أخرى تشمل الخنازير والإنسان. بيد أن الغالبية العظمى من فيروسات أنفلونزا الطيور لا تسبب العدوى لبني البشر. وتحدث جائحة الأنفلونزا عند ظهور نميط جديد لم ينتشر من قبل بين البشر.
ولهذا السبب فإن فيروس H5N1 يشكل سلالة تنطوي على احتمال التحول إلى جائحة، بالنظر إلى أنها قد تتكيف، في نهاية المطاف، لتصبح سلالة تسبب العدوى للإنسان. وحالما يحدث هذا التكيف فإن هذا الفيروس يتغير من فيروس يصيب الطيور – إلى فيروس يسبب الأنفلونزا البشرية. وتحدث جوائح الأنفلونزا نتيجة فيروسات جديدة تسبّب الأنفلونزا وتتكيف لتصيب الإنسان.
- جوائح الأنفلونزا أحداث دورية تقع بانتظام.
تعدّ أية جائحة أنفلونزا حدثاً نادر الوقوع لكنه يقع دورياً. فقد حدثت ثلاث جوائح منها في القرن الماضي وهي: "الأنفلونزا الأسبانية" في عام 1918، و"الأنفلونزا الآسيوية" عام 1957، و"أنفلونزا هونغ كونغ" عام 1968. وقضت جائحة عام 1918 على ما يقدر بـ 40 إلى 50 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم. وهذه الجائحة التي كانت استثنائية تعتبر واحدة من أشد أحداث المرض فتكاً في تاريخ الإنسانية. وكانت الجائحتان اللتان حدثتا فيما بعد أخف وطأة بكثير، حيث تشير التقديرات إلى هلاك 2 مليون نسمة عام 1957 ومليون نسمة عام 1968.
وتحدث جوائح الأنفلونزا عندما يظهر فيروس أنفلونزا جديدة ويبدأ في الانتشار بالسهولة ذاتها التي تنتشر بها الأنفلونزا العادية – وذلك من خلال السعال والعطاس. وبما أن الفيروس جديد من نوعه فإن الجهاز المناعي لدى الإنسان يفتقر للمناعة المسبقة إزاءه. مما يرجّح احتمالات إصابة أولئك الذين يلتقطون الأنفلونزا الجائحة لمرض أكثر خطورة من ذلك الناجم عن الأنفلونزا العادية.
- قد يكون العالم على شفا جائحة جديدة.
لقد عكف خبراء الصحة، على مدى ثماني سنوات تقريباً، على رصد فيروس أنفلونزا جديد ووخيم إلى أبعد الحدود – وهو من نوع السلالة H5N1. وقد سببت السلالة H5N1 العدوى لدى الإنسان أول مرة في هونغ كونغ في عام 1997، وتسببت في حدوث 18 حالة، منها ست وفيات. وتسبب هذا الفيروس منذ منتصف عام 2003 في أكبر فاشيات وأشدها وخامة بين الدجاج عرفها الإنسان. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2003، تم العثور على حالات عدوى بشرية بين أولئك الذين تعرضوا للطيور المريضة.
ومنذ ذلك الحين تم التأكد، مختبرياً، من حدوث ما يزيد على 100 حالة بشرية في أربعة بلدان آسيوية (كمبوديا، وإندونيسيا، وتايلند وفييت نام) وقد توفي أكثر من نصف هؤلاء. وحدثت معظم الحالات لدى أطفال وشبان كانوا أصحاء فيما سبق. ولحسن الحظ أن هذا الفيروس لا يقفز بسهولة من الطيور إلى الإنسان أو ينتشر بسرعة وبصورة مستدامة في صفوف البشر. وإذا ما تطور فيروس H5N1 إلى شكل يضارع الأنفلونزا العادية في التسبب في العدوى فإن ذلك قد يعني قرب حدوث الجائحة.
- كل البلدان معرضة للوباء.
ما أن يظهر فيروس مّا يكون قادراً على التسبّب في العدوى، فإن انتشاره في جميع أرجاء العالم يعدّ أمراً لا مناص منه. ويمكن للبلدان، باتخاذ تدابير كإغلاق الحدود وفرض القيود على السفر، أن تؤخر وصول الفيروس إليها، إلا أنها لا تستطيع الحيلولة دون وصوله. فالجوائح التي حدثت في القرن الماضي عمّت العالم كله خلال فترة تراوحت بين 6 و9 أشهر، رغم أن معظم السفر الدولي كان عن طريق البواخر. وبالنظر إلى سرعة وحجم السفر جواً على الصعيد الدولي اليوم، فإن هذا الفيروس يمكن أن ينتشر بسرعة، وقد يصل جميع القارات في أقل من 3 أشهر.
- توقعات بانتشار المرض على نطاق واسع.
لما كان معظم الناس لا يملكون أي مناعة ضد الفيروس الذي يسبّب الجائحة، فإن من المتوقع أن تكون معدلات العدوى والمرض أعلى مما هي عليه إبان جوائح الأنفلونزا العادية الموسمية. وتشير الإسقاطات التقديرية الراهنة إلى أن نسبة مئوية مرتفعة من الناس في العالم سيحتاجون لشكل مّا من أشكال الرعاية الطبية. وليس هناك، الآن، ما يكفي من العاملين والمرافق والمعدات وأسرّة المستشفيات لتلبية احتياجات الآلاف المؤلفة من الناس الذين يقعون فريسة المرض فجأة.
- الإمدادات الطبية لن تكفي.
ستكون الإمدادات من اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات، وهما أهم عنصرين من عناصر التدخلات الطبية الرامية إلى الحد من المرض والوفيات عند حدوث أية جائحة، غير كافية في جميع البلدان عند بدء الجائحة وعلى مدى عدة أشهر بعد ذلك. وتثير عدم كفاية الإمدادات من اللقاحات قلقاً خاصاً، حيث تعتبر اللقاحات خط الدفاع الأول في حماية السكان. واستناداً إلى الاتجاهات الحالية لن تتمكن بلدان كثيرة من الحصول على اللقاحات طوال فترة الجائحة كلها.
- الجائحة ستفتك بالناس فتكاً ذريعاً.
في الماضي كان عدد الوفيات عند حدوث جائحة ما يتباين تبايناً كبيراً. وهناك أربعة عوامل تحدد معدلات الوفيات إلى حد كبير وهي: عدد أولئك الذين يصابون بالعدوى، وفوعة الفيروس (مدى حدّته)، والسمّات الجوهرية التي تميّز أولئك الذين يصابون به وسرعة تأثرهم، وفعالية التدابير الوقائية. ولا يمكن وضع تكهنات صحيحة بخصوص عدد الوفيات قبل ظهور فيروس الجائحة وبدء انتشاره. وبالتالي فإن جميع التقديرات المتصلة بعدد الوفيات تظل مجرد تخمينات ليس إلاّ.
وقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية تقديرات معتدلة نسبياً – حدوث عدد من الوفيات يتراوح بين 2 مليون و7.4 مليون حالة – لأنها تشكل هدفاً تخطيطياً مفيداً ومعقولاً في ظاهره. وتستند تلك التقديرات إلى الجائحة الخفيفة نسبياً التي حدثت عام 1957. أما التقديرات التي تقوم على وجود فيروس أشد فوعة، أشبه بالفيروس الذي ظهر عام 1918، فكانت أعلى من ذلك بكثير. وعلى أية حال فإن جائحة عام 1918 تعتبر استثنائية.
- الجائحة ستؤدي إلى اضطرابات وتصدّعات اقتصادية واجتماعية كبرى.
من المتوقع أن تؤدي الجائحة إلى إصابة الآلاف المؤلفة بالمرض وإلى تغيّب العمال عن عملهم لفترات طويلة، وسيساهم ذلك في حدوث اضطرابات وتصدّعات اجتماعية واقتصادية. فقد انتشرت الجوائح، فيما مضى، في جميع أنحاء العالم على دفعتين وعلى ثلاث دفعات، في بعض الأحيان. وليس من المتوقع أن تتأثر جميع مناطق العالم أو أي بلد بعينه تأثراً حاداً في الوقت ذاته. وقد تكون التصدعات الاجتماعية والاقتصادية أمراً مؤقتاً، ولكنها قد تتسع في ظل الترابط والتداخل الوثيقين بين النظم التجارية ونظم التبادل التجاري. وقد يكون التصدع الاجتماعي على أشده عندما يؤدي التغيب عن العمل إلى الخلل في توفير الخدمات الأساسية كالكهرباء والنقل والاتصالات.
- على كل بلد أن يتأهب لمواجهة المشكلة.
أصدرت منظمة الصحة العالمية سلسلة من الإجراءات الاستراتيجية الموصى بها بغية مواجهة خطر جائحة الأنفلونزا المحدق. والقصد من هذه الإجراءات هو توفير مستويات دفاع مختلفة تعكس مدى تعقّد الأوضاع المتطورة. وتختلف الإجراءات الموصى بها للطور الحالي من التزام اليقظة لمواجهة الجائحة، وظهور فيروس الجائحة، والإعلان عن حدوث الجائحة وانتشارها فيما بعد على الصعيد الدولي.
- ستنذر منظمة الصحة العالمية العالم عند تعاظم خطر الجائحة.
تعمل منظمة الصحة العالمية، بالتعاون الوثيق مع وزارات الصحة ومختلف منظمات الصحة العمومية، لتوفير الدعم لترصد البلدان لسلالات الأنفلونزا السارية. ويعد وجود نظام ترصد حساس قادر على كشف سلالات الأنفلونزا المستجدة أمراً أساسياً في الكشف السريع عن الفيروس الذي يسبب الجائحة.
وتم تحديد ستة أطوار واضحة المعالم لتسهيل تخطيط التأهب لمواجهة الجائحة، مع تحديد أدوار الحكومات، ودوائر الصناعة، ومنظمة الصحة العالمية في هذا المضمار. ويصنف الوضع الحالي في فئة الطور 3: أي وجود فيروس جديد لم تعهده البشرية من قبل وهو يسبب العدوى، لكنه لا ينتشر بسهولة من شخص إلى آخر.