الأيام الصحية لعام 2011

اليوم العالمي للغذاء
يوجد في العالم اليوم غذاء كافٍ لكل إنسان ليحصل على التغذية اللازمة من أجل حياة صحية منتجة، ولكن ما زالت أسعار الغذاء ترتفع في الأسواق العالمية؛ بسبب المعوقات الاقتصادية والسياسية التي تحصل في الدول المنتجة والمستوردة على حد سواء، والتي تحرم كثيرًا من الناس في العالم من حق الحصول على غذاء صحي طوال العام، وبالتالي التسبب في ظهور الأمراض، وقد تكون النتيجة سقوط 44 مليون شخص في هوة الفقر حسب تقديرات البنك الدولي وتقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO.
 
 
فما السبب وراء ارتفاع أسعار الغذاء؟
يرجع السبب الأساسي في قفز الأسعار إلى أكثر من مثليها إلى سلسلة من الاضطرابات المتعلقة بالإنتاج الزراعي وعدم استقراره، وعدم توفير المواد الغذائية بكميات متوازنة، حيث يعيش النظام الغذائي العالمي اليوم خارج إمكاناته، فهو يعمل على استهلاك المصادر بسرعة أكثر من تعويض الطبيعة لها.
 وينبغي على هذا النظام تكييف نفسه حتى يبلغ مستوى الاستدامة. كما أن هناك حاجة ملحة لإحداث تغييرات جوهرية في النظام الغذائي والحلقات المتصلة به من استخدامات المياه والطاقة، والتكيف مع التغير المناخي الذي يعد سببًا جوهريًا في قضية رفع الأسعار، بالإضافة إلى التصدي لقضية ارتفاع أسعار النفط، حيث تتزايد تكاليف العلف الحيواني والأجور والنقل؛ مما يؤثر بدوره في أسعار المنتجات والسلع الأساسية كاللحوم والخضراوات والفاكهة.
 
ما الحلول الدولية؟

يشكل تقلب أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم إحدى أهم القضايا المطروحة على جداول أعمال المنظمات الإنسانية الدولية إذ يتم العمل على ما يأتي:

  •  (توفير الطعام أولاً)، من خلال التحركات التي تدعم اتخاذ خطوات تكفل عدم حرمان البلدان والأفراد المتأثرين بارتفاع الأسعار من القدرة على الحصول على الأغذية، ووضع مدونة دولية من شأنها المساعدة على تثبيت الأسعار؛ وتحسين وسائل إدارة المخاطر. 
  •  الوصول إلى خفض إهدار الطعام بنحو النصف بحلول عام 2050؛ ما يؤدي إلى خفض كمية الطعام المطلوبة بنحو الربع، فقد أفاد تقرير منظمة الفاو إلى أن ما لا يقل عن 30% (50% في بعض التقديرات) من المحاصيل الغذائية المزروعة تتعرض للضياع أو التلف قبل أو بعد وصولها إلى المستهلك. 
  •  خفض الدعم والقيود التجارية التي تضر بمصالح الدول الفقيرة وتزيد حجم الصدمات وتقلبات الأسعار، كما حدث عندما بلغت الأسعار ذروتها في 2007-2008 مما نتج عنه زيادة عدد الجوعى في العالم بنحو 100 مليون شخص.
  •  تطبيق البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي الجديد (GAFSP). 
  •  المناداة بزيادة الاستثمار في الأبحاث الزراعية، وتحسين فعاليتها.
  •  متابعة تجارة السلع والمنتجات الزراعية لتحديد أي نقص محتمل في المواد الغذائية.
  •  التنسيق مع وكالات الأمم المتحدة من خلال فريق العمل رفيع المستوى المعني بأزمة الأمن الغذائي العالمية ومع المنظمات غير الحكومية.
  •  كما تساند مجموعة البنك الدولي اتخاذ إجراءات أوسع نطاقًا لتحسين التغذية فيما بين الشرائح المتأثرة بارتفاع الأسعار.
    هل الوضع مؤقت؟
     يتوقع البنك الدولي حدوث اضطراب في أسعار المواد الغذائية وارتفاعها عن المتوسط الحالي حتى عام 2015 على الأقل.
ما مدى تأثير هذه الأزمة في المجتمعات؟
يشكل ارتفاع الأسعار خطرًا على النمو العالمي والاستقرار الاجتماعي، خاصة في المجتمعات الأكثر فقرًا، حيث ينفق الناس ما يقرب من ثلثي دخلهم اليومي على الطعام، فحسب تقديرات البنك الدولي يصل عدد الفقراء على مستوى العالم إلى ما يقارب المليار نسمة، وتمثل النساء أكثر من 60 في المائة من هذا العدد.
 
تتلخص آثار ارتفاع الأسعار على الصحة في النقاط التالية:
عندما تصطدم الأسر الفقيرة أو متوسطة الدخل بارتفاع أسعار المواد الغذائية فإنها:
  •  تلجأ إلى تناول الأطعمة الأرخص ثمنًا والأقل نفعًا من الناحية الغذائية. 
  •  تكف عن استخدام الخدمات الضرورية مثل الخدمات الصحية والتعليمية أو تقلل منها. 
  •  تلجأ إلى التقليل من كمية الطعام المتناولة.
  •  تظهر أمراض سوء التغذية التي تقلل من القدرة على التعلم، كما تقل الإنتاجية والعمل ويزيد معدل الوفيات؛ حيث يعزى ثلث وفيات الأطفال على مستوى العالم إلى نقص التغذية. واليوم لا يحصل واحد من كل ستة أشخاص تقريبًا على الغذاء الكافي الذي يجعله يتمتع بصحة جيدة ويعيش حياة نشطة؛ مما جعل الجوع وسوء التغذية الخطر الأول الذي يهدد الصحة على مستوى العالم، أكثر من أمراض الإيدز والملاريا والسل مجتمعة.

الشرائح الأكثر تأثرًا:

  •  الرُّضع دون سن الثانية.
  •  الأطفال والمراهقون. 
  •  النساء الحوامل والمرضعات.
ماذا نعني بسوء التغذية؟
 
يتخذ سوء التغذية ثلاثة أشكال:
1- التغذية غير السليمة:
يقصد بهذا المصطلح عدم الحصول على القدر المناسب من المغذيات الأساسية كالبروتين، والسعرات الحرارية، والمغذيات الدقيقة (الفيتامينات والمعادن)، فيضعف الجسم وتتسم بكثرة الإصابة بالعدوى والأمراض، ونتيجة لفقدان التغذية الصحيحة، يتعرض الكثيرون للوفاة نتيجة الإصابة بأمراض شائعة كالحصبة أو الإسهال.
ولا يقاس سوء التغذية بكمية الطعام الذي يتم تناوله، وإنما بالمقاييس الفيزيائية للجسم كالوزن والطول والعمر والتحليل المخبري للدم
2- نقص التغذية:
يستخدم هذا المصطلح لوصف حالة الأشخاص الذين لا يحتوي ما يتناولونه من طعام على السعرات الحرارية (الطاقة) الكافية لتلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الفسيولوجية اللازمة لحياة نشيطة. ويوجد في الوقت الحاضر 1.02 مليار شخص يعانون نقص التغذية في مختلف أنحاء العالم، ومعظمهم من الدول النامية.
3- التغذية غير المتوازنة:
هي التغذية التي يتم فيها تناول أنواع معينة من المغذيات أكثر من الأخرى كالنشويات أو الدهون، فتظهر معها الأمراض المزمنة كالسمنة وأمراض القلب.
 
ما آثار سوء التغذية؟
يسبب سوء التغذية عددًا من المشكلات كالنحافة الشديدة، أو قصر القامة الشديد مقارنة بعمر الشخص، أو نقص الفيتامينات والمعادن (كنقص الحديد الذي يسبب فقر الدم)، أو زيادة الوزن (السمنة المفرطة).
ويعد نقص المغذيات الدقيقة (الفيتامينات والمعادن) مهمًا للغاية؛ حيث يعاني منه ما يقرب من ملياري شخص في العالم. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فنقص الحديد وفيتامين (أ) والزنك هم ضمن العشرة أسباب الرئيسة المؤدية إلى الوفاة من خلال الإصابة بالأمراض، وذلك في البلدان النامية.
فنقص الحديد هو أكثر أشكال سوء التغذية شيوعًا؛ حيث يؤثر في مليارات الأشخاص في مختلف أنحاء العالم. كما يؤثر في إنتاجية الدولة، ويعوق النمو الإدراكي. ونقص فيتامين (أ) هو سبب أساسي لعمى الأطفال في البلدان النامية ويولد ملايين الأطفال وهم يعانون الإعاقة الذهنية لعدم تناول أمهاتهم كمية كافية من اليود أثناء الحمل. ونقص الزنك يسهم في وقف النمو وضعف المناعة لدى الأطفال الصغار، مما يؤدي إلى وفاة مئات الأطفال سنويًا.
 
أما على المستوى المحلي:
تعد المملكة العربية السعودية من أكبر الدول المستوردة للمأكولات والأطعمة. كما يعد المجتمع السعودي من المجتمعات الاستهلاكية، وقد ظهرت أمراض كثيرة مرتبطة بالنمط والسلوك الغذائي لجميع أفراد وفئات المجتمع تشير إلى سوء التغذية منها الأمراض المزمنة كالسمنة، وأمراض القلب، والسكري، وضغط الدم، والسرطان، وتسوس الأسنان، والنحافة، وفقر الدم، وهشاشة العظام، نتيجة للعادات الغذائية السيئة مثل: تناول الأطعمة الدسمة، واستهلاك الدهون المشبعة، والوجبات السريعة، والأطعمة الجاهزة، وغيرها.
 
فرصة ودعوة إلى قلب الموازين:
استمرار الارتفاع في أسعار أغلب السلع الأساسية التي تعتمد عليها الأسرة يوجب علينا أن نفكر في حلول جذرية حتى لا يؤثر هذا الارتفاع في صحة الأفراد، وبالتالي الصحة العامة للأسر التي لا يتواكب دخلها مع الغلاء، وقد تكون هذه الأزمة العالمية فرصة لإحداث تغييرات جيدة في صالح مجتمعنا السعودي، فلطالما نادى علماء التغذية بضرورة تحسين النمط المعيشي والاستهلاكي، والوضع الراهن هو الوقت الأمثل لنستفيد من هذه الأزمة لحل مشكلاتنا الصحية، ولنصنع بعض النقاط الإيجابية.
 
الانعكاسات الإيجابية لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمية على الخطة الشرائية والتسويقية للأسرة السعودية:

ترشيد الاستهلاك وتبني سياسة عدم الإسراف حيث إنه من الممكن أن يقل معدل الاستهلاك إلى النصف تقريبًا، ويتم الترشيد عن طريق:

  •  وضع خطة غذائية للأسرة مسترشدين بالهرم الغذائي الذي يحدد الاحتياجات الغذائية الأساسية لأفراد الأسرة، ووضع قائمة بوجبات متوازنة لكافة أفراد الأسرة أسبوعيًا.
  •  وضع ميزانية محددة تحوي الأطعمة الضرورية الأساسية، ووضع قائمة بالمشتريات بناءً على ذلك، مع الالتزام بها وتحديد الكميات.
  • تأجيل شراء بعض الكماليات من المأكولات أو عدم اقتنائها مثل شراء الأطعمة الجاهزة لتناولها كوجبات خفيفة كالبطاطس؛ ما يسهم في تعديل العادات الغذائية السيئة التي يمارسها أفراد الأسرة، ويقلل المشكلات الصحية التي تسببها الوجبات الخفيفة.

استبدال بعض المنتجات بمواد أخرى لها القيمة الغذائية نفسها وأقل ثمنًا مثل:

  • استبدال اللحوم بالبقول كالعدس بأنواعه والحمص والفاصوليا؛ لما لها من أهمية غذائية مرتفعة خاصة البروتينات عند خلطها في وجبة واحدة.
  • استبدال الأصناف المكلفة كحبوب الإفطار الجاهزة بأنواع أرخص كالمخبوزات التي تصنع من الحبوب الكاملة، والأجبان الكريمية كاللبنة والجبن.
  • استبدال العصائر الجاهزة والفاكهة المعلبة التي لا تقدم فائدة غذائية تذكر بالفاكهة الطازجة أكثر، مع الاكتفاء بنوع أو نوعين يوميًا.
  • العودة إلى الطبيعة والمواد الخام والطبيعية فهي أكثر فائدة للصحة وأقل في تكلفة الإنتاج؛ لأن ما ينفق على الأطعمة الجاهزة هو على التعليب والتغليف وليس على القيمة الغذائية.
  •  استخدام الوجبات رخيصة الثمن مرتفعة القيمة الغذائية، فمثلاً يمكن إعداد وجبة إفطار متكاملة من الفول والخبز البر والسلطة مثل الجرجير وكوب من الحليب، فهي وجبة متكاملة ومغذية، أو إعداد وجبة عشاء مكونة من الحساء والسلطة الخضراء التي تعتمد على الورقيات مثل: الجرجير والخس وعصير الليمون والخبز الأسمر مع التونة، فهي وجبة متكاملة غذائيًا ورخيصة الثمن.

تقليل هدر الطعام والفاقد منه، فالمعروف أن نحو ثلث ما يشترى أو يطبخ يكون مصيره القمامة خاصة في رمضان والمناسبات الاجتماعية، ويتم ذلك بالتالي:

  • إعادة تدوير بقايا الطعام واستغلال كل الخامات الموجودة في صنع الأطعمة وابتكار أطعمة جديدة.
  • إعادة استخدام الخبز بعد تجفيفه أو تحميصه.
  • خلط الخضراوات بالبيض مع استخدام التوابل والأعشاب المجففة والطازجة كالزعتر، والريحان، والكزبرة الخضراء التي تعطي قيمة غذائية عالية مع الطعم الجيد.
  • التخزين الجيد بالتبريد والتجميد.
    حيث يمكن لربة المنزل شراء الطماطم والخضراوات في وقتها وحفظها بطريقة سليمة في المبرد، وحتى الليمون يمكن عصره ووضعه في مكعبات لاستخدامه في الوقت الذي يرتفع فيه سعره سواء في الطعام أو كعصير. 
  • يمكن تجميد أو تبريد بعض المواد الغذائية المطبوخة بسهولة وأمان أو الاحتفاظ بها في الثلاجة لتناولها في اليوم التالي. 
  • تقليل كميات المواد المستخدمة في إعداد الأطباق مثل: السمن والسكر والأرز والبيض، فكثير من الوصفات لا يتغير طعمها إذا تم تقليل بعض المكونات إلى النصف.
  • تجهيز وجبات محضرة في المنزل لتناولها في المدرسة أو العمل، مع الحرص على التنويع وأن تكون طازجة ومغذية كساندوتش جبن مع شرائح الخيار والنعناع أو بضع حبات من الفاكهة أو شابورة الخبز الأسمر أو الزبادي.
  • تعويد الأطفال على مبادئ التغذية السليمة وتدبر الصرف اليومي وإشراكهم في مناقشة ميزانية الأسرة والاحتياجات المهمة لكل أفرادها وكيفية المواءمة بين هذه الاحتياجات والإمكانات المتوافرة.
  • البحث عن المعلومة الصحيحة للقيمة الغذائية للمواد الغذائية وطرق التخزين، والمفاضلة بين السلع من حيث القيمة الغذائية والنقدية التي تمنع الانسياق وراء الإعلانات والدعايات الخادعة للسلع المخفضة .
  • البحث عن الجودة في المنتجات وليس عن السعر الأرخص فقط.

أما الفوائد المتوقع على المستوى العام فهي: 

  •  قيام الشركات العالمية المصنعة والموردة بإعداد دراسات لرصد اتجاهات المستهلكين وحركة البيع وتخفيض الأسعار لتجنب حالة الكساد.
  •  حث الشركات على التنافس ومنعها من إغراق السوق بسلع ضعيفة المستوى من ناحية الجودة الغذائية، ولكنها في متناول ميزانية المستهلك.
  •  قيام الشركات المستوردة بتوفير السلع ذات الجودة الأعلى والأقل سعرًا كونها أصبحت مرغوبة.
  •  تقليل حجم الإيرادات ونوعيتها حيث يتم استيراد السلع الإستراتيجية فقط.

أما الفوائد التي تعود على صحة الفرد والأسرة عند اتباع الإجراءات السابقة فهي:

  •  الحد من بعض الأمراض المزمنة التي تنتج من تناول الأطعمة الغنية بالدهون والدهون المشبعة الغنية بالكولسترول سواء بشرائها كالوجبات السريعة أو الجاهزة أو المحضرة في المنزل من خلال الاختيار الجيد للأطعمة واختيار الأطعمة الطازجة والبعد عن الأطعمة المصنعة.
  •  المحافظة على الوزن المثالي من خلال ترشيد الإنفاق وتقليل حجم الوجبات وتناول الكمية المحددة فقط وعدم شراء كميات زائدة على حاجة الأسرة.
  •  تحسين نوعية الأطعمة التي تتناولها الأسرة بالإكثار من الكربوهيدرات المركبة والألياف عبر تناول الخبز الأسمر والحبوب الكاملة وغير المقشورة والبعد عن الأطعمة السكرية ومنخفضة الفائدة الغذائية. 
  •  التقليل من تناول الصوديوم المتوافر بكثرة في الأغذية المعلبة والمصنعة.
  •  تناول الأغذية الغنية بالحديد والكالسيوم كالخضراوات الطازجة والفاكهة والأغذية الطبيعية.
  •  التقليل من تناول السكر مثل العصائر والمشروبات المعلبة والحلويات.
آخر تعديل : 25 محرم 1433 هـ 01:19 م
عدد القراءات :