تُعد صحة كبار السن ورعاية المسنين من الأولويات المحورية في السياسات الصحية المعاصرة، لما لهذه الفئة من مكانة خاصة واحتياجات صحية مميزة تتطلب عناية مركزة وشاملة. ومع التغيرات الديموغرافية التي يشهدها العالم، ومنها المملكة العربية السعودية، وازدياد متوسط العمر المتوقع، برزت الحاجة إلى تطوير أنظمة رعاية صحية تتوافق مع متطلبات التقدم في السن، وتُعزز جودة حياة كبار السن على المستويات الجسدية والنفسية والاجتماعية.
تسعى وزارة الصحة من خلال برامجها ومبادراتها إلى تقديم رعاية صحية متكاملة للمسنين، تشمل الوقاية من الأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر، والمتابعة المنتظمة للحالة الصحية، وتوفير الخدمات التخصصية في العيادات والمراكز الصحية. وتعمل الوزارة على تمكين كبار السن من الاستفادة من خدمات الرعاية المنزلية، والتأهيل الطبي، والمتابعة الدورية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
وتولي الأنظمة الصحية في المملكة اهتمامًا متزايدًا بتعزيز استقلالية كبار السن، من خلال دعم بيئة الرعاية المجتمعية، وتحسين الوصول إلى المعلومات والخدمات الصحية، وتوفير البرامج الإرشادية والتوعوية التي تُسهم في تحسين نمط حياتهم، ورفع الوعي لدى مقدمي الرعاية وأفراد الأسرة بطرق التعامل الصحيحة مع احتياجاتهم.
كما يشمل الاهتمام بهذه الفئة تقديم الخدمات الوقائية مثل التطعيمات، والكشف المبكر عن أمراض مثل الزهايمر، وهشاشة العظام، والاكتئاب، ومراقبة التغذية والنشاط البدني. وتُعزز الوزارة كذلك دور التكنولوجيا في رعاية كبار السن، من خلال خدمات الصحة الافتراضية والمتابعة عن بُعد، مما يسهم في تقليل زيارات المرافق الصحية وتقديم الرعاية في بيئة آمنة ومألوفة للمسن.
إن رعاية المسنين ليست مسؤولية صحية فحسب، بل هي مسؤولية إنسانية ومجتمعية تعكس مدى تطور المجتمع ورقيه. ومن هذا المنطلق، تواصل وزارة الصحة تطوير برامجها وتوسيع شراكاتها لتوفير خدمات شاملة تُلبي احتياجات كبار السن، وتحفظ كرامتهم، وتُمكنهم من العيش بصحة وطمأنينة ضمن مجتمع متماسك وواعٍ بدوره تجاه جميع أفراده.