أخبار الوزارة

وزير الصحة يفتتح المؤتمر العالمي لمواجهة مرضي السمنة والسكري في دول الخليج
08 محرم 1437

أعلن  معالي وزير الصحة المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح رئيس الدورة الأربعين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، مساء أمس الثلاثاء 7محرم 1437هـ الموافق 20 أكتوبر 2015م بقاعة المؤتمرات بفندق إنتركونتيننتال في الرياض، انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي لمواجهة مرض السمنة والسكري الذي ينظمه المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون والجمعية السعودية لطب الأسرة والمركز الوطني للسكري بمشاركة وزارة الصحة وجهات ومؤسسات ومنظمات صحية من داخل المملكة وخارجها، ويستمر لمدة ثلاثة أيام.

وقال معالي وزير الصحة لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: أن هذا المؤتمر الدولي المهم، يناقش قضيّتَي السُّمنة والسكر المترابطتين, واللتين تستفحلان في منطقتنا وتستنزفان الكثير من الجهود الطبية والتكاليف المالية، التي يمكن أن تُسخرَ في اتجاهات أخرى تحقق قِيَمًا طبيةً مضافةً في مجالات البحث وتطوير الخدمات الصحية للمواطنين.

وثمّن جهود الشراكة الفاعلة، التي مَكَّنت من عقد هذا المؤتمر، بين المؤسسات الحكومية ممثلة في وزارة الصحة, والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ممثلة بالدكتور توفيق خوجة, ومؤسسات المجتمع المدني ممثلةً في الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع ممثلة بالدكتور سعود الحسن، والمركز السعودي لمكافحة السكر، حيث يستهدف المؤتمر عرض أفضل التجارب العلمية والعملية في جلساته، والمساعدة في تطوير البرامج الوقائية والعلاجية، وتعزيز الجهود المبذولة لمواجهة خطر انتشار السمنة ومرض السكر, والتقليل ما أمكن من عبئهما الاقتصادي.
ولفت معاليه إلى أن تقارير منظمة الصحة العالمية بينت أنّه خلال ثلاثة عقود فقط زاد معدل انتشار السمنة في العالم إلى أكثر من الضعف! وأنّ مرض السكر مرشح ليكون السبب السابع للوفاة بحلول عام 2030م.

وأضاف معاليه بأن المساهم اﻷكبر في ارتفاع نسب هذين المرضين الخطرين، على مستوى العالم، هي دول العالم النامي، إذ تبلغ هذه النسب في هذه الدول ضعفَ تلك النسب المرصودة في الدول المتقدمة، مبينًا أن نسبة الإصابة بمرض السكر في دول مجلس التعاون الخليجي راوحت بين 15 إلى 20%.

وزاد معالي وزير الصحة: أن هذا الخطر لا يهدد الحياة البشرية فقط بل يتعداها إلى تهديد موارد الدولة بما يشكله من عبء اقتصادي، حيث يشير تقرير الاقتصاد العالمي عن الأمراض غير السارية لعام 2011م إلى أن تكاليف معالجة داء السكر حوالي (500) بليون دولار، ومن المتوقع أن يزداد إلى750 بليون دولار في عام 2030 م.

وأشار إلى أن المجتمع الخليجي يقع في القلب من هذا الخطر، وهو مجتمعَ فتيٌّ جدًّا، تقل أعمار غالبية مواطنيه عن 30 سنة، مما يؤكد أن هذين المرضين يهددان ثروة مجتمعنا الحقيقية المتمثلة في فئة الشباب، لافتًا إلى أنه من المفزع والمحزن في نفس الوقت أن تقع دول مجلس التعاون الخليجي الفتية ضمن المراكز العشرين الأولى عالميًّا في انتشار السمنة بين مواطنيها، الأمر الذي تربطه الدراسات والبحوث في هذا الشأن بانتشار عدد من الأنماط الحياتية والسلوكيات الغذائية غير الصحية، وقلة النشاط البدني في هذه المجتمعات التي تؤدي بدورها لازدياد أخطار الإصابة بمرض السكر.

وقال معاليه: إنه بالرغم من الخطر المؤكّد لهاتين المشكلتين إلا أنني أودُّ أن أُذكِّرَ بأنهما لا تمثلان سوى قمة جبل الجليد لمشاكل وأخطار صحية كثيرة تعاني منها مجتمعاتُنا، مما يحتم علينا العمل بفاعلية ضمن منظومة الصحة العامة.

وشدد معاليه أن الأمن الصحي هو أحد ركائز الأمن الوطني والذي تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لأن يكون أحد أهم أهدافها الموحدة والمشتركة، وذلك من خلال المحافظة على سلامة وصحة شعوبها؛ مما يتوجب إحداث التغيير في الخطط والوسائل والآليات الرامية لرفع مستوى الوعي الصحي المجتمعي تجاه هذين المَرَضَين، وتقليل فرص الإصابة بهما، والتحكم في مضاعفاتهما، بالإضافة إلى تفعيل المبادرات المشتركة بين كافة الوزارات والقطاعات العلمية والأكاديمية والجمعيات الأهلية لإحداث التغيير المنشود.

وأبان أنه على الرغم من التزايد المضطرد لأمراض السمنة والسكر عالميًّا، إلا أن هناك دولًا نجحت في تغيير اتجاه هذه الأمراض إلى مسارات إيجابية، مشيرًا أنه خلال الفترة بين السبعينيات والتسعينيات الميلادية من القرن الماضي استطاعت فنلندا تخفيضَ معدلِ الوفيات المتعلقة بأمراض القلب والسكر والسمنة بمعدلٍ كبيرٍ وصل إلى 73٪، من خلال برنامجِ تدخلٍ مجتمعي، كانت فيه الشراكة بين المؤسسات الحكومية المختلفة وغير الحكومية والمجتمع المدني بالتعاون مع مزودي الخدمات الصحية العامل الأهم في نجاح هذه التجربة العالمية، واحتلّت فنلندا بذلك المركزَ رقم واحد عالميًّا في عددِ الوفياتِ نتيجةَ السكتةِ القلبية سابقًا، إلا أنّها الآن تراجعت إلى المركزِ التاسعِ عشر، نتيجةَ تغييرِ السلوكِيات.

ولفت معاليه إلى تسليط الضوء على بعض التجارب الخليجية في دول مجلس التعاون الخليجي، مثل تجربة مدينة نزوى في عمان ومدينة المحرّق في البحرين، واللتين سعتا إلى التصدي لمثل هذه الأخطار ومكافحتها وتعزيز أنماط الحياة الصحية.

وشدّد معاليه على ضرورة أن تتجاوز خطط مكافحة هذه الأمراض في دول مجلس التعاون الخليجي علاجها إلى الوقاية منها، والعمل على تعزيز الأنماط الصحية بها، فالتقليل من الأمراض يكون بالتقليل من مسبّباتها، مبينًا أن المملكة تعمل من خلال منظومة متكاملة للصحة العامة بدأت مسيرتها، وسيتم مضاعفة العمل، وتكامل الجهود والمبادرات، وأن أولويات السياسات الصحية في المملكة ستتحول تدريجيًّا من التركيز على العلاج إلى إعطاء الأولوية للوقاية منوها أن شعار الوزارة سيتغير من المريض اولا إلى "صحة المواطن أولا"،

واقترح  الفالح ترتيب البرامج من خلال عدّة محاور متكاملة تضمنت تغيير أنماط المعيشة، مؤكدًا معاليه أن أنماط الحياة الاستهلاكية والتي تواكب الوفرة المالية ووسائل الرفاهية في دول مجلس التعاون الخليجي هي أحد أهم العوامل المسببة لمرض السمنة والسكر، إضافة إلى آثارها السلبية على الصحة العامة.

كما تشكل البيئة المحيطة دورًا مهمًّا في تعزيز السلوك الصحي لدى الأفراد والمجتمعات، بل وتعدّ من أهم أركان تعزيز الصحة، ومن عناصرها المهمة الاهتمام بنوعية الغذاء وتبني سياسات محددة لمراقبة تسويق المواد الغذائية، من غير أن نغفل عن توفير الوسائل والمرافق التي تشجع المواطنين على ممارسة الرياضة والنشاط البدني لكافة الفئات، وأنا عندما أتحدث عن كافة الفئات فأنا أقصد كافة الفئات بما في ذلك كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

وفي التجربةِ الفنلنديةِ مثالٌ جيد، حيث تمكَّن المواطنُ الفنلنديُ من تغييرِ سلوكهِ الغذائي بعدَ اكتشافِه أن الاعتماد الكبير على اللحوم والسمن الحيواني في غذائه جعل مرضَ انسدادِ الشرايينِ والسكتةِ القلبيةِ يكونُ القاتلَ الأولَ في فئاتٍ عمريةٍ صغيرةٍ - دون الثلاثين.

كما تضمنت المحاور التنشئة السليمة والتعليم حيث يشكل  البيت والأسرة الخليجية نواة أساسية  مؤثرة في  نمط الحياة واختيارات الأبناء والتي دائمًا ما تكون مبنية على مراقبتهم لسلوك ونمط حياة الوالدين ومحاكاة تصرفاتهما.

وقال: لا يخفى علينا دور الحاضنة المكملة وهي المدرسة؛ لتكون المحورَ الأساس للوقاية من كافة الأمراض، وذلك بتبني ما يمكن أن نطلق عليه (المدارسُ المعززةُ للصحة)، عن طريق تعزيز المناهج الدراسية بالثقافة الصحية وتكثيف البرامج التوعوية فيها، وتعزيز برامج التربية الرياضية، والغذاء المتوازن. والتي تهدف بالمجمل إلى تعزيزِ صحةِ التلاميذ، وتوعيتِهم منذ مراحلِهم الدراسية المبكرة، وتغييرِ أنماط الحياة الصحية لديهم، ودراسة الاحتياجات النفسية للمراهقين والناشئة، ومراقبةِ سلوكياتهم المحفوفةِ بالأخطار والوقاية منها، وتعزيزِ برامج التربية الصحية والبيئية.

وذكر أن مملكة فنلندا تفرّدت بمستوى التعليم حيث تتصدر المركز الأول عالميًّا في مجال التعليم والذي بدوره انعكس جليًّا على مستوى الصحة العامة بها، الذي أشرت إليه سابقًا.

وتضمن المحور الثالث التوعية والإعلام، مبينًا أن هناك دورًا بارزًا لا بدّ أن تقوم به وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في توعية الأجيال الجديدة بشكل خاص، بالأخطار الصحية وأنماط السلوك السلبية، والأثر الإيجابي للسلوكيات القويمة على صحة الإنسان والمجتمع، فربط الخطط الصحية والتعليمية والإعلامية بشكل قوي ومستدام، يشكل حجر الأساس لبناء مجتمع صحيٍ واعٍ ومتعلم.

وقال: عندما نتحدث عن فئة الشباب فلا بدّ أن نسلّط الضوء على ما يشكله الاعلام الجديد وتقنية المعلومات من دور فعال وبارز للتصدي للكثير من الأخطار الصحية التي تواجهنا من خلال برامج التوعية الشاملة.

واشتملت المحاور على الشراكة الشاملة لكافة مؤسسات الدولة، منوهًا بأن مكافحة هذه الأمراض يتطلب مشاركةً فاعلةً لجميع قطاعات ومؤسسات المجتمع، وعقد الشراكات الحقيقية طويلة المدى مع جمعيات المجتمع المدني والشركات الوطنية للوصول إلى مجتمعٍ صحيٍّ خالٍ من الأمراض غير السارية.

وقال: بما أن دول مجلس التعاون تشهد مستوىً أعلىً في وتيرة البناء في مجال المشاريع الطبيةِ النوعيةِ، وتشييد المراكزِ الطبية العالمية، فينبغي على وزارات الصحة في دول المجلس أن تسعى إلى شراكات فاعلة مع مؤسسات القطاع الخاص في مجال الخدمات الطبية والصحية، وتعزيز الفرص الاستثمارية المتاحة والمتوقعة لدى قطاع الخدمات الطبية لتتعدى الطب المتقدم والمستشفيات المتكاملة إلى إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية وخدمات الطب الوقائي، ليكون لها جميعًا دورٌ فاعلٌ في إعادة توجيه الأنماط السلوكية ذات العلاقة بالشؤون الصحية، والارتقاء بالوعي الصحي الوقائي. فانخراط الأفراد في برامج صحية وقائية يقلّل من التكاليف والأعباء العلاجية، ويرفع من وتيرة التحاق الأفراد بهذه البرامج، مما يشكّل حالة من تكافؤ المصالح بين الفرد والمؤسسة والمجتمع. كما أود أن أكرر أن لمؤسسات المجتمع المدني دورًا أساسيًّا يجب تفعيله من خلال شراكات إستراتيجية.

كما تضمنت المحاور البحوث والدراسات حيث أكد  أن متخذ القرار في اﻷنظمة الصحية الناجحة يعتمد على الدليل قبل المضي قدمًا باتخاذ قراره؛ مما يجعل للبحوث دورًا مهمًّا في تطوير الخدمات الصحية. فأي نظام صحي لا يتخذ من البحوث أداة لتطويره يعتبر نظامًا صحيًّا عشوائيًّا ومتخبطًا. وهذا يقودنا للقول أن إجراء البحوث وخصوصًا في أمور الصحة العامه لم يعد خيارًا وإنما واقعًا تفرضه الحاجة. من هذا المنطلق فأنا أدعو الباحثين والدارسين في الجامعات ومراكز الأبحاث أن يبذلوا ما بوسعهم لخدمة أوليات بلدهم والمساهمه في حلها.

وأكد معاليه أنه يجب على كافة القطاعات توفير البيئة المناسبة بما يدعم هذا التوجه، حيث سنقوم بتسهيل وصول الدارسين للمعلومات الصحية، كما نعمل مع الشركاء من الجهات الحكوميه اﻷخرى كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتوفير الدعم المالي المناسب بما يخدم أولوياتنا الصحية. وهذا يقودنا إلى أن إنشاء معهد صحي بحثي متخصص على غرار NIH الأمريكي أصبح ضرورة لتقدم الخدمات الصحية.

واختتم معاليه كلمته بتوجيه الشكر والتقدير لكافة جهود المشاركين في المؤتمر، وقال: أتطلع بحرص كبير، إلى نتائجه العلمية والعملية؛ لكي نتمكن من رفد الجهود المبذولة للتصدي لظاهرة السمنة ومرض السكر بمنظور شمولي وقائي يرتقي بالصحة العامة لمجتمعاتنا، ويؤسس لبرامج جديدة تتعاون فيها جميع النظم الصحية بدول المجلس؛ ولا بد من التأكيد على ضرورة رفع مستوى الوعي بأخطار هذين المرضين ليكون مطابقًا لتوجهاتنا الوقائية، بما فيها رسم السياسات الصحية المناسبة وسنّ القوانين المتعلقة بالصحة العامة، والوصول إلى أفضل التدابير الاحترازية للوقاية منهما، خصوصًا وأنّ مضامين هذا المؤتمر تشكّل بالنسبة لنا، مناسبةً لتشخيص الواقع ووصف العلاج؛ لتصون مجتمعاتُنا عافيتَها على المستوى الفردي والوطني.

ورفع معاليه الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد، حفظهم الله، على ما يقدمونه من دعم، وما يولونه من اهتمام بالقطاع الصحي، ومن ذلك تأكيدهم على دور وزارة الصحة من خلال التوجيه الملكي الذي صدر مؤخرًا، وعزّز دور وزارة الصحة وبرامجها وخططها الطموحة للقطاع الصحي في المملكة وبالذات في مجال الصحة العامة؛ علمًا بأن التصدي لهذا التحدي الكبير هو مسؤولية وشراكة بين جميع القطاعات الحكومية الأخرى كوزارة التخطيط, ووزارة التعليم, ووزارة الثقافة والاعلام, ووزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرها من القطاعات ذات العلاقة، معربًا عن أمله للعلماء والخبراء والمختصّين وجميع الحضور وكافة الجهات والمؤسسات الداعمة التوفيق والنجاح في هذا المؤتمر والخروج بنتائج وتوصيات ترسم خارطة الطريق للتحكم بهذين المرضين وأخطارهما على صحة الإنسان والمجتمع.

وكان معالي وزير الصحة المهندس خالد الفالح قد دشن عقب الحفل الخطابي الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص بالسمنة والسكري.

كما كرم معاليه الجهات المشاركة ورعاة المؤتمر.
وافتتح معاليه المعرض المصاحب للمؤتمر بمشاركة أكثر من ٤٠ عارضًا وجهة حكومية وخاصة، وغيرها من الجهات ذات العلاقة بالسمنة والسكري.

من جهته قال المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الدكتور توفيق بن أحمد خوجة إن دعم ورعاية معالي وزير الصحة المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح  هذا الحدث العلمي الإقليمي المهم تأتي امتدادًا للدور البارز والقيادي المهم لوزارة الصحة الموقرة في المملكة العربية السعودية في تطوير الخدمات الصحية في كافة المرافق الصحية والطبية بها لمواكبة المستجدات العالمية، والتي أصبحت أنموذجًا خاصًّا يحتذى به على المستوى المحلي والخليجي والإقليمي والعالمي.

وأضاف الدكتور خوجة قائلًا: لقد تفضلت المملكة العربية السعودية بتبني القضايا الصحية المهمة والحيوية على المستوى الخليجي والإقليمي والعالمي، وذلك انطلاقًا من دورها الريادي ومن التفهم الكامل بعظم المسؤولية التي نحملها لتحقيق أنبل الأهداف، ألا وهي تحقيق الرعاية الصحية الآمنة ضمن المنظومة الدولية الصحية.

وأبان أن المؤتمر يناقش واحدة من أهم القضايا المعاصرة التي يضعها قيادات ومخططو العمل الصحي في مقدمة الأولويات الإستراتيجية، ألا وهي: توقي ومكافحة السمنة وداء السكري كجزء رئيسي من منظومة مكافحة الأمراض غير المعدية وعوامل الاختطار المؤدية إليها.

وأوضح أن الإحصائيات والدراسات الوبائية المبكرة في بعض دول الخليج أثبتت أن انتشار داء السكري بصورة وبائية جعل منه خطرًا صحيًّا على المستوى الوطني، مبينًا أن أهمية هذا المرض تأتي لارتفاع نسبة الإصابة بمضاعفاته المزمنة المتمثلة في رفع التكاليف الإجمالية لهذا الداء على المستوى الوطني، مما أرهق الخدمات الصحية بدول مجلس التعاون الخليجي، وتتوقع منظمة الصحة العالمية ازدياد العبء الكبير على تكاليف الرعاية الصحية بحلول عام (2030) مما سيلتهم نحو (40%) من الميزانيات الصحية الضخمة للدول حينذاك.

وأوضح أن هناك شخصًا واحدًا من كل اثنين في دول الخليج يعاني من السمنة والبدانة بارتفاع الشحوم بالدم (20.3 - 40.6%) وثمانية من عشرة بعدم النشاط البدني (34 - 81%)، لافتًا إلى أن  المراكز العلمية الوطنية  بدأت في رصد السمنة وزيادة الوزن في الأطفال واليافعين في دول المجلس.
وشدد د.خوجة على أهمية زيارة الوعي المجتمعي والأسري بخطورة وضع السمنة وزيادة الوزن، وخصوصًا سمنة الأطفال كمدخل رئيسي ومستقبلي للوضع الصحي في المجتمع الخليجي، لافتا إلى أن هذه التغيرات المرضية في هذا السن الصغير هي مؤشر خطير إلي ارتفاع معدلات الإصابة بداء السكري والأمراض القلبية في المستقبل في المجتمع السعودي والخليجي على حد سواء.

ولفت إلى أن البرنامج الخليجي لمكافحة الداء السكري مرّ بالعديد من التطورات الإيجابية خلال السنوات الماضية؛ حيث تم وضع البرامج والأنظمة الصحية الأولية والثانوية والثالثية، مع تبنى برامج توعوية خاصة بمرضى السكري ضمن برامج التوعية لمكافحة الأمراض غير المعدية، كما تم وضع نظام للمراقبة الوبائية والرصد والتقييم لمرض الداء السكري، مع تبنى أساليب جديدة لتقديم الخدمات الصحية لرعاية مرضى السكري مثل العيادات المصغرة المتخصصة في الرعاية الصحية الأولية، وتفعيل وتطوير دور المراكز الصحية في هذا الصدد وقائيا وعلاجيا وتأهيليًّا إضافة إلى التوقيع على "الإعلان المشترك لوزراء الصحة بدول مجلس التعاون حول الداء السكري" لعام 1428هـ / 2007م  واعتماد "الخطة الخليجية التنفيذية المتكاملة والمحدثة لمكافحة داء السكري (2008/2018) ومناشدة دول المجلس بتشكيل "مجلس وطني أعلى لمكافحة الداء السكري" وعلى أساس أن "مكافحة الداء السكري" قضية أمة ومسؤولية كافة فئات المجتمع، علاوة على صدور إعلان الرياض حول اقتصاديات السكري.. (نوفمبر 2007) وإعلان جدة لرعاية مرضى داء السكري ( فبراير 2010) وكذلك صدور إعلان دبي حول داء السكري والأمراض المزمنة غير المعدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (ديسمبر 2010).

كما صدرت عدة قرارات، منها وثيقة المنامة لمكافحة الأمراض غير المعدية (صفر 1432هـ - يناير 2011م) ووثيقة الكويت "الخطة التنفيذية للحملة الخليجية للتوعية بالأمراض غير المعدية (2011/2014) وإعلان مسقط حول اقتصاديات الأمراض غير المعدية/غير السارية (صفر 1433هـ/يناير 2012م) وإعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في العالم العربي والشرق الأوسط ( شوال 1433هـ/سبتمبر 2012م) وإعلان الكويت للوقاية من ومكافحة والأمراض غير السارية وعوامل الاختطار في إقليم شرق المتوسط (جمادي الآخرة 1434هـ / أبريل 2013م (ووثيقة الكويت للتصدي للأمراض غير السارية "معًا لمكافحة الأمراض غير السارية" ( أولوية تنموية) (ربيع الأول 1435هـ/يناير 2014م).

كما تم اعتماد عدد من "الخطط الخليجية الإستراتيجية المتخصصة" والموضوعة من قبل اللجان الفنية المختصة، وسيتم التطرق لها في المحاضرة بحول الله، كما أعاد المجلس الأعلى تأكيده مره أخرى باعتماد الخطة الخليجية "المحُدثة" (2014/2015م) للوقاية من الأمراض غير السارية (غير المعدية) ... المعتمدة من قبل المؤتمر السادس والسبعين للمجلس الموقر في دولة الكويت (ربيع الأول 1435هـ/ يناير 2014م) وهو ما يمثل قمة الالتزام السياسي من لدن قادة وزعماء دول المجلس للتصدي وحماية المجتمع الخليجي ومواجهة هذه الجائحة وحث جميع القطاعات ذات العلاقة للتكامل فيما بينها للحد من آثارها الإنسانية والمجتمعية والاقتصادية.

إلى ذلك أوضح مدير مكتب الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع رئيس المؤتمر الدكتور سعود الحسن أن العديد من الدراسات كشفت أن معدل انتشار داء السكري في دول المجلس بلغ مستويات قياسية حيث تقدر النسبة حاليًّا بالمملكة ما بين12- 24%، ويرتفع المعدل مع التقدم بالعمر حيث يبلغ حوالي (8%) في الفئة العمرية أقل من 35 سنة، ليصل إلى (50.4%) في الفئة العمرية من 65 سنة فأكثر، لافتًا إلى أن الاتحاد الدولي للسكر بيّن أن عدد المصابين بالسكري في المملكة سيرتفع بحلول عام 2030م من 24% إلى 50%.

وأبان أن المملكة تأتي في المركز الخامس عالميًّا والثالث خليجيًّا في السمنة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 36% من سكان المملكة مصابون بها «44% من النساء و26% من الرجال»، فيما بلغت نسبة تفشي السمنة بين الأطفال 18% ،50% منهم معرضون للإصابة بالسكري. كما توضح إحصائية السكان في المملكة لعام 2012 أن هناك 5.7 مليون سعودي مصابون بالسمنة بسبب قلة الحركة، كما أشارت إلى أن 33% من الرجال و50% من النساء لا يمارسون الرياضة. 

وأوضح أن عدد الأبحاث التي تم تقديمها للجنة بلغ  83 بحثًا تم قبول 39 بحثًا منها وعدد 9 ملصقات علمية، وقد روعي في اختيار البحوث أن تتناول تغطية جميع محاور وأهداف المؤتمر، كما يشارك في تقديم الأبحاث والأوراق العلمية لهذا المؤتمر 15 خبيرًا ومتحدثًا من خارج المملكة و8 خبراء من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لعدد 17 متحدثًا من داخل المملكة العربية السعودية.

وأكد أن المؤتمر يستهدف الخروج بتوصيات ومبادرات وأفكار تساهم في دعم التوجه الوطني لمكافحة داء السمنة والسكري، وتأصيل الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة التي ترتكز على أسس علمية ومعطيات يقينية، وتعزيز الدور المحوري للجهات الحكومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني، علاوة على وضع خارطة طريق لتعزيز البحث العلمي ودعم الأساليب المتطورة لمواجهة هذه المشكلة في دول الخليج.

ودعا الحسن إلى تبني خطة محكمة توازي بين الوقاية أولًا ومن ثم الكشف المبكر والعلاج والمتابعة، خطة معتمدة تقوم فيها جميع القطاعات ذات العلاقة بواجباتها وليس وزارة الصحة فقط، بل يشترك فيها كل من له علاقة باستيراد أو إنتاج الغذاء، وجميع وسائل ووزارات التعليم والإعلام، وجميع الجهات الخدمية والإشرافية على صحة البيئة والبلديات، إضافة إلى الجهات التشريعية والاقتصادية والمالية.

كما دعا إلى تبني مبادرة عالية المستوى لإنشاء تجمع على مستويين وطني وخليجي يشرف على برامج متكاملة، تهدف للحد من تفشي هذه الأوبئة العصرية وأمثالها ورفع المستوى الصحي للمواطنين والمقيمين.

وقال: إن تجربة الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع في إنشاء المركز الوطني للسكر تقدم نموذجًا طيبًا للتعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص من أجل تسهيل وتسريع عملية تطوير أداء أطباء المراكز الصحية.


 




آخر تعديل : 09 محرم 1437 هـ 03:00 م
عدد القراءات :