نيابة عن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- رعى معالي وزير الصحة د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة مساء اليوم الأحد حفل افتتاح المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في العالم العربي والشرق الأوسط، الذي تستضيفه العاصمة الرياض خلال الفترة من 23-25 شوال 1433هـ.
وألقى راعي الحفل معالي وزير الصحة د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة كلمة قال فيها: "أنقل تحيات وترحيب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- والدي كلفني أن أنوب عن مقامه الكريم بافتتاح هذا المؤتمر الهام، فمرحبًا بكم جميعًا في مملكة العلم والعطاء مملكة الإنسانية".
وأضاف معاليه في كلمته: "لقد دعت الأديان مند فجر البشرية الإنسان إلى الاعتدال في المأكل والمشرب والأخذ بكل ما يحقق له حياة صحية آمنة، ومن ثم سعت كافة الأنظمة الصحية إلى حث الشعوب على اتباع الأنظمة الغذائية الصحية وممارسة النشاط البدني وتغيير نمط الحياة؛ بما يحفظ للإنسان صحته وسعادته".
وأضاف معاليه أنه بالرغم من هذه التعاميم والإرشادات الراسخة إلا أن العالم الحديث يواجه وباءً كبيرًا وأمراضا خطيرة تهدد حياة الإنسان وتستنزف موارده الاقتصادية، حيث أكدت الإحصاءات الحديثة أن الأمراض غير السارية ممثلة في أمراض القلب والأوعية الدموية، السكر، والجهاز التنفسي، وأمراض الكلى والعيون والأورام، وغيرها من الأمراض غير المعدية تودي بحياة 36 مليون نسمة سنويًا، ويتوقع وصولها إلى 52 مليون نسمة عام 2030م، وهي تمثل السبب الرئيسي للوفيات في العالم وما زالت في تزايد مخيف بسبب تفشي السمنة وتعاطي التبغ وإهمال النشاط البدني، وغيرها من المسببات التي يمكن الوقاية منها.
وأضاف: لقد دفعت هذه المؤشرات الخطيرة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والحكومات والهيئات الصحية إلى تبنّي أخطار الأمراض غير السارية في مقدمة أولوياتها، وحثت الدول على وضع خطط متكاملة وشاملة للوقاية من هذه الأمراض والتوعية المستدامة بأخطارها، بمشاركة كافة الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص؛ لما تمثله هذه الأمراض من تحدٍّ كبير ووباء عام يهدد المجتمع بأكمله.
وأبان معاليه أنه من هذا المنطلق دعا خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله- لإقامة هذا المؤتمر الكبير بعاصمة العلم والحضارة الرياض، وحظيت الدعوة الكريمة بمباركة منظمة الصحة العالمية ومجلس وزراء الصحة العرب ومجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
وأشار معاليه إلى أن مشاركة هذا العدد الكبير من القيادات ذات العلاقة من وزراء وعلماء وخبراء ومهتمين تؤكد بجلاء مدى التفاعل والاهتمام والتجاوب السريع للتصدي لهدا الحدث الخطير، آملين الخروج بتوصيات علمية وعملية تمكّن المنطقة والعالم من وضع خطط تنفيذية سهلة التطبيق؛ لمكافحة الأمراض غير المعدية والوصول إلى مجتمع يعيش بإذن الله حياة صحية آمنة.
واختتم كلمته بشكر الله تعالى ثم شكر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين –حفظهما الله-، والشكر موصول لأصحاب السمو والمعالي والفضيلة والسعادة والحضور الكرام، وكل من ساهم وشارك ودعم هذا الجمع العلمي الكبير، سائلًا المولى جل وعلا التوفيق إلى ما يحب ويرضى فهو ولي ذلك والقادر عليه.
من جانبه ألقى وكيل وزارة الصحة للصحة العامة د. زياد ميمش كلمة قدم خلالها شكره لمعالي وزير الصحة د. عبدالله الربيعة على رعايته المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله-، ومتابعته لكل ما يتعلق بالشأن الصحي في المملكة العربية السعودية والعالم العربي والعالم أجمع.
وقال د. ميمش إن الأعباء والتهديدات الناتجة عن الأمراض غير المعدية تمثل أحد أكبر تحديات التنمية في القرن الحادي والعشرين على المستوى العالمي. وأضاف أن هناك العديد من عوامل الاختطار المشتركة بين الأمراض المعدية، وعلى الرغم من أن بعض هذه العوامل لا يمكن تغييرها أو التحكم بها، مثل العمر ونوع الجنس والتكوين الوراثي لكن العديد من عوامل الاختطار السلوكية يمكن التحكم بها، إضافة إلى بعض العوامل البيولوجية المرتبطة بها كارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن أو السمنة ومرحلة ما قبل السكري، كما يتأثر السلوك ويتشكل طبقًا للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي بدورها تؤثر بطريقة غير مباشرة في العوامل البيولوجية الأخرى، وتحديد تلك العوامل والظروف المشتركة يشكّل المفهوم الأساسي للتعامل بطريقة متكاملة مع الأمراض المزمنة.
وأكد د. ميمش أن المملكة العربية السعودية سعت للعمل مع المنظمات المحلية والعالمية ذات العلاقة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، بالإضافة للعديد من المنظمات الأخرى؛ للتوصل لحلول لمجابهة الأمراض غير المعدية وما ينتج عنها من أعباء مادية وبشرية.
وأوضح أن القطاع الصحي بمجمله غير قادر على معالجة مشكلة الأمراض غير المعدية والتي تطورت على مدى عقود من التحولات في أنماط الحياة مما يوجب التعاون على كل المستويات المحلية والإقليمية والعالمية؛ لمجابهة هذا الخطر الداهم، ويتطلب منا الالتزام بتقليل عوامل الاختطار وإقامة بيئة صحية، وتعزيز السياسات الوطنية والأنظمة الصحية، وتقوية التعاون والمشاركة الدولية والبحوث والتطوير.
وأكد أن هذا المؤتمر يعتبر فرصة ثمينة لتبادل الخبرات والتجارب ورسم السياسات الصحية ووضع الإستراتيجيات، التي من شأنها تعزيز الصحة العامة، والحد من عوامل الاختطار للأمراض غير المعدية، والدي نطمح من خلاله للتوصل إلى توصيات بنّاءة وهادفة وقابلة للتطبيق.
كما ألقى الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، كلمة ركز فيها على خمس نقاط مهمة: النقطة الأولى هي أن الأمراض غير السارية تعد مشكلة جسيمة تؤثر على التنمية الصحية في بلدان الإقليم، والنقطة الثانية أن خطورة المشكلة تتجاوز القطاع الصحي لتؤثر على التنمية الاجتماعية والاقتصادية برمتها، والنقطة الثالثة: إمكانية التوقي من الأمراض غير السارية، والنقطة الرابعة أن الالتزام السياسي رفيع المستوى والتعاون المتعدد القطاعات من الأمور الضرورية للنجاح، والنقطة الخامسة هي أن الإعلان السياسي يقدم خارطة طريق توجّه عمل الدول الأعضاء للتصدّي للأمراض غير المعدية.
وأعرب د. علوان عن أمله في أن يثمر هذا المؤتمر ويؤدي إلى ترسيخ التزامات جميع الدول بتنفيذ هذه المقتضيات، وأن تمضي منظمة الصحة العالمية قُدُمًا في بذل ما في وسعها لدعم البلدان وتقوية برامجها وإجراءاتها؛ لدحر الأمراض غير السارية والتخفيف من وطأتها.
من جانبه قالت الدكتورة ليلى نجم، الوزير المفوض ومدير إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية مسؤول الأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب، إن جامعة الدول العربية وآلياتها المعنية بالصحة وفي مقدمتها مجلس وزراء الصحة العرب تولي اهتمامًا بالغًا بتحقيق الأمن الصحي للمواطن العربي، وتوفير أفضل مستويات الرعاية الصحية له، وفي هذا السياق أصدر مجلس وزراء الصحة العرب في دورته العادية الـ(37)، التي عقدت في العاصمة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية في مارس 2012، قرارًا بشأن الإعداد والتحضير للدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في العاصمة الرياض/ يناير2013، ونصت فقرته الرابعة على: "التأكيد على الدول الأعضاء المشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير المعدية".
وأضافت أن هناك جهودًا قامت بها الغالبية العظمى من دولنا العربية في مجال الرعاية الصحية والاهتمام بإنشاء وحدات معنية بالأمراض غير المعدية تابعة لوزارات الصحة، بالإضافة إلى تعزيز السياسات والنظم الصحية ووضع الخطط الوطنية، إلا أن هذه الجهود لاتزال تحتاج إلى التكامل وإلى دمج موضوع الأمراض غير المعدية في الإستراتيجيات والخطط التنموية، وإدراجها في برامج الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل بين المؤسسات الحكومية والقطاعات ذات الصلة، مؤكدة أنه مع ظهور عدد من الأوبئة المستجدة من الأمراض غير المعدية فإن الأمر يتطلب رسم خريطة لها وتحليل محدداتها التقنية والاجتماعية والاقتصادية كأساس لوضع السياسات والتدابير والتشريعية والمالية اللازمة؛ من أجل دعم الوقاية ومكافحة الأمراض غير المعدية، بالإضافة إلى العمل على خفض مستوى تعرض الأفراد والمجموعات السكانية لعوامل الخطر الشائعة والمشتركة للأمراض غير المعدية (التدخين، التغذية غير الصحية، قلة النشاط البدني، ومسببات السرطان البيئية)، وتكثيف العمل المرتبط بتطبيق الإستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى خفض العوامل، وكذلك الاهتمام بدعم البحوث الوبائية لهذه الأمراض، مشيرة إلى أن مكافحة الأمراض غير المعدية مهمة وطنية ومسؤولية يتشارك في تحملها والاضطلاع بها المؤسسات الحكومية ذات الصلة مع التعاون مع المؤسسات غير الحكومية والمؤسسات المجتمعية.
من جانبه قال معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج عبداللطيف الزياني إن إقرار أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس الخطة الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية خير دليل على الوعي بحجم المشكلة؛ حيث تم توجيه وزارات الصحة بدول المجلس بوضع خطط تنفيذية للخطة الخليجية للتصدي لهذه الأمراض بما يكفل توفير العلاج اللازم وإيجاد برامج مدروسة للوقاية من أخطارها، وتوعية المجتمع؛ بهدف خفض معدلات الإصابة بها، وتوفير الميزانيات اللازمة لدعم وزارات الصحة بدول المجلس للتصدي لهذه الأمراض، كما وجه المجلس وزارات الصحة والجهات ذات العلاقة بالتعاون والتكامل فيما بينها في البرامج العلاجية والوقائية لإيجاد أفضل وأنجع السبل لخدمة مواطني دول المجلس.
وأضاف معاليه: إن نجاحنا في تحقيق هذه الخطة الطموحة مرهون بنجاحنا في تحقيق ركن أساسي من أركان العلاج ألا وهو الوقاية، وإن تفشي الأمراض غير السارية في دول المجلس وبنسب عالية ومخفية يتطلب تسخير الجهود وتركيزها على الوقاية باعتبارها خط الدفاع الأول لمقاومة تلك الأمراض ومنع تفشيها؛ لما تشكله من تهديد كبير لصحة أبناء دول المجلس وما تستنزفه من موارد مالية عالية، غير أن جهود تحقيق الوقاية المطلوبة تتطلب الاهتمام بجانب أساسي آخر ألا وهو التوعية التي بدونها لن يكتب لجهودنا النجاح؛ حيث إن التوعية المطلوبة تحتاج إلى جهود إعلامية مكثفة وبرامج تثقيفية متطورة ومدروسة وكفاءات قادرة على توصيل الرسالة الإعلامية بكفاءة واقتدار.
وفي الختام.. وجه شكره وتقديره لمعالي وزير الصحة بالمملكة العربية السعودية والعاملين معه على تنظيم هذا المؤتمر الهام، والشكر موصول للمنظمات المشاركة والمتحدثين والباحثين، متمنيًا من العلي القدير أن تحظى توصيات هذا المؤتمر باهتمام المسؤولين في وزارات الصحة والأجهزة الحكومية في الدول الأعضاء للتصدي لهذه المشكلة.
وفي نهاية الحفل قام معالي د. الربيعة بتدشين المعرض المقام على هامش المؤتمر والذي تشارك فيه العديد من الجهات والمؤسسات ذات العلاقة.