صحة الفم تمثل حجر الزاوية في الصحة العامة وجودة الحياة، إذ إنها لا تقتصر فقط على نظافة الأسنان، بل تشمل أيضًا سلامة اللثة واللسان والفك والغشاء المخاطي للفم. ويُعد الحفاظ على صحة الفم أمرًا ضروريًا للوقاية من العديد من المشكلات الصحية التي قد تبدأ من الفم وتمتد لتؤثر على الجسم بأكمله، بما في ذلك أمراض القلب والسكري والالتهابات المزمنة.
يبدأ الاهتمام بصحة الفم منذ الطفولة، من خلال تعلُّم العادات الصحية الصحيحة مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يوميًا، واستخدام الخيط الطبي، والحد من تناول السكريات والمشروبات الحمضية، والزيارة الدورية لطبيب الأسنان. ويُعد التثقيف الصحي والتوعية المجتمعية من العوامل الحاسمة في تعزيز هذه الممارسات والحد من تفشي أمراض الفم والأسنان، خاصة بين الأطفال وكبار السن والفئات ذات الدخل المحدود.
وتُشير الدراسات إلى أن أمراض اللثة وتسوس الأسنان من أكثر الأمراض غير المعدية شيوعًا حول العالم، ومع ذلك يمكن الوقاية منها بسهولة من خلال اتباع نمط حياة صحي. كما أن الكشف المبكر عن المشكلات الفموية مثل تقرحات الفم المزمنة أو التغيرات في الأنسجة يمكن أن يسهم في الاكتشاف المبكر لأمراض خطيرة مثل سرطان الفم.
وفي إطار التحول الصحي الشامل، تولي وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا بصحة الفم، من خلال إدراج خدمات طب الأسنان في الرعاية الصحية الأولية، وتنفيذ برامج وطنية للفحص المبكر، وتقديم حملات توعوية في المدارس والمجتمع، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لرفع جودة الحياة وتحسين الصحة الوقائية.
إن العناية بصحة الفم لا ينبغي أن تُعامل على أنها ترف جمالي أو إجراء وقائي ثانوي، بل هي مسؤولية مستمرة تضمن راحة الإنسان وثقته بنفسه، وتُسهم في تقليل الأعباء الصحية والمالية على النظام الصحي بأكمله. فالفم بوابة الجسد، والعناية به تعني العناية بصحة الإنسان ككل.