يواصل ملتقى الصحة العالمي 2025 أعماله في العاصمة الرياض، بعدما شهد في يومه الأول الإعلان عن شراكات واستثمارات نوعية تجاوزت قيمتها 33 مليار دولار أمريكي، في خطوةٍ تعزز مكانة المملكة كوجهة عالمية رائدة في مجال الرعاية الصحية.
ويُعقد الملتقى برعاية وزارة الصحة وتنظيم شركة تحالف، وبدعم من برنامج تحوّل القطاع الصحي المنبثق عن رؤية المملكة 2030، ليشكّل المنصة الوطنية الأبرز لتسريع التحول في قطاع الرعاية الصحية بالمملكة، ويؤكد قيادتها للتحول الصحي العالمي من خلال الاستثمار الإستراتيجي والابتكار والتعاون الدولي.
افتتح الملتقى معالي الوزير الصحة الأستاذ فهد بن عبد الرحمن الجلاجل، وشهد الحفل كلمة افتراضية لصاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن عبد العزيز، سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد معاليه أن رؤية المملكة 2030 أحدثت تحولًا جذريًا في القطاع الصحي، قائلًا: «لقد منحتنا رؤية المملكة 2030 مساحة واسعة لإعادة تشكيل المشهد الصحي، وانتقلنا من العلاج بعد الإصابة إلى الوقاية قبل حدوثها، ومن الاستثمار في الألم إلى الاستثمار في الأمل».
وأشار معاليه إلى أن المملكة باتت قريبة من تحقيق هدفها برفع متوسط العمر المتوقع إلى 79.7 عامًا مقارنة بـ74 عامًا في عام 2016، بفضل برامج نوعية شملت الفحص المبكر لما يقارب 3 ملايين مولود، و6 ملايين فحص قبل الزواج، وخفض الوفيات الناتجة عن الأمراض المزمنة بنسبة 38%، إضافة إلى انخفاض وفيات الحوادث المرورية بأكثر من 50%، واكتشاف 70% من حالات السرطان في مراحلها المبكرة، مؤكدًا أن «هذا هو جوهر رؤية 2030، وهذا هو تحولنا الصحي، وهذا هو نهج الحكومة الموحد».
وكشف معاليه عن سلسلة من الإعلانات الجديدة والشراكات الإستراتيجية التي ترسخ مكانة الملتقى كمنصة رائدة للاستثمار والتعاون والتقدم في القطاع الصحي، معلنًا عن استثمارات بقيمة 8.4 مليارات دولار أمريكي لتسريع تطوير المستشفيات والبنية التحتية الصحية في المملكة.
وتشمل هذه الاستثمارات توسّع مستشفيات الحياة الوطني إلى 15 منشأة تضم أكثر من 4,000 سرير باستثمار قدره 1.86 مليار دولار، ودخول مجموعة أكديتال المغربية السوق السعودي باستثمار 1.41 مليار دولار، واستثمار شركة المواساة بمبلغ 1.33 مليار دولار للتوسع في جدة وينبع وأبها والخبر.
كما أعلنت شركة الراجحي الطبية عن استثمار يتجاوز مليار دولار لإنشاء مراكز تخصصية جديدة، وستستثمر مجموعة برجيل نحو مليار دولار في تخصصات متعددة حتى عام 2030، فيما خصص المستشفى السعودي الألماني (IMC) مبلغ 800 مليون دولار لتوسيع خدمات العلاج والتعليم الطبي في مكة المكرمة وثول وأُبحر، بينما تستثمر SMC Healthcare نحو 800 مليون دولار في مستشفيات متقدمة ومراكز رعاية أولية.
كما تم الإعلان عن استثمارات تتجاوز 625 مليون دولار في قطاع العلوم الحياتية، شملت التزام شركة BD باستثمار 266 مليون دولار لتوطين التقنيات الطبية وتدريب الكوادر الإكلينيكية، وتعاون شركة Roche مع وزارة الصحة السعودية في تطوير قدرات البحوث السريرية باستثمارات تبلغ 20 مليون دولار.
وأعلنت شركة Lifera عن شراكات إستراتيجية مع شركات دوائية عالمية، منها Sanofi لتوطين تصنيع اللقاحات، وMSD لتقييم قدرات المملكة في إنتاجها، وPfizer لاستكشاف فرص توطين الصناعات الدوائية الحيوية، إضافة إلى التعاون مع جمجوم فارما في تصنيع اللقاحات.
ويشهد قطاع الاستثمار الصحي السعودي زخمًا متسارعًا مع التزامات تفوق 3.24 مليارات دولار مخصصة لصناديق رأس المال الجريء والاستثمار الإستراتيجي لتسريع الابتكار والتوطين. وتتصدر Hillhouse هذه الاستثمارات بمبلغ 1.49 مليار دولار لدعم تصنيع الأدوية والبحث والتطوير، فيما تستثمر مجموعة الفوزان القابضة 675 مليون دولار لتطوير البنية التحتية السريرية المتقدمة.
كما توسّع شركتا TVM Capital Healthcare وBaraya شبكتهما من مستشفيات التأهيل والرعاية طويلة الأمد باستثمار قدره 405 ملايين دولار، فيما أعلنت شركة إسناد المالية وشركة صحة المالية عن إطلاق برنامج صكوك بقيمة 266 مليون دولار لسد الفجوات التمويلية في قطاعي الرعاية الصحية والتقنيات الحيوية.
كذلك، تلتزم شركة GKSD Investment Holding بمبلغ مماثل لتحسين تجربة رعاية المرضى في المملكة، بينما تؤسس Goldtrack Ventures أول صندوق سعودي للنمو في مجال التقنيات الحيوية الصناعية بقيمة 250 مليون دولار.
وقالت راتشيل ستيرجيس، نائب الرئيس الأول لدى شركة تحالف: «تعكس الاستثمارات التي أُعلن عنها في ملتقى الصحة العالمي طموح المملكة والتزامها الراسخ بتحويل قطاع الرعاية الصحية من خلال البنية التحتية الحديثة والتقنيات المتقدمة، وتعزيز الشراكات المؤثرة التي تحقق نتائج مستدامة».
وتضم نسخة هذا العام أكبر مشاركة للشركات العالمية في تاريخ الملتقى، من بينها GE، Siemens Healthineers، Fujifilm، Johnson & Johnson، GSK، Samsung، Danaher، Karl Storz، وStryker، إلى جانب الجهات الوطنية الكبرى مثل شركة الصحة القابضة، نوبكو، الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، دلة للخدمات الصحية، ومستشفيات الحياة الوطني، ولين والاتصالات السعودية (STC)، فضلًا عن الشركاء الماسيين التعاونية للتأمين وWuXi AppTec.
وشهد حفل الافتتاح الإعلان عن شراكات إستراتيجية جديدة في قطاعي الرعاية الصحية والعلوم الحياتية، تضمنت مبادرات رقمية من HUMAIN، ولين، وغوغل كلاود، إضافة إلى أدوات صحية مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما تم الإعلان عن استثمارات نوعية في مجالات البحث والتطوير والابتكار في الشركات الناشئة، مما يعكس التقدم المتسارع للمملكة في بناء منظومة صحية عالمية المستوى.
وتتواصل فعاليات الملتقى حتى 30 أكتوبر الجاري، حيث ركز اليوم الثاني على الابتكارات والتحولات الرقمية في الصحة، من خلال جلسات متخصصة حول المستشفيات الذكية ، والذكاء الاصطناعي التوليدي، والتحول الرقمي في رحلة المريض.