مدونة عام 2006

مؤامرة التدخين في بلادنا!
لا احسب أن هناك مدخن أو غير مدخن لا يعلم المضار الصحية للتدخين حتى الآن ..فالكل يعلم تقريبا انه لا نجاة من التدخين ، وانه لا مفر من المرض ثم الموت مع التدخين ..أسوأ عادات الإنسان وابرز سلوكياته المشينة.
 
أن العالم المتحضر الآن يحاصر هذه العادة بصرامة في كل الأماكن المغلقة أو المفتوحة ، العامة و الخاصة، ويعمل دوما على تطوير آلياته وأدواته لمواجهة هذا الداء وأيضا لمواكبة ما تستحدثه شركات التبغ من أساليب ووسائل لإغراء المزيد من الشباب للإقبال على التدخين .
 
ومن اجل ذلك عملت الدول على تكوين تكتلات واتفاقيات دولية لإحكام الحصار حول التدخين ومنها ماعرف مؤخرا بالاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ وذلك للمخاطر الاقتصادية والاجتماعية الجمة على هذه الدول من جراء التدخين. ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات على توجيه ورصد اكبر قدر ممكن من الميزانيات العامة للرعاية الصحية للموطنين ، بهدف الحفاظ على معدلات مناسبة للمستويات الصحية لما يشكله ذلك من أهمية إنسانية واقتصادية لأي دولة ، تقفز مشكلة التدخين كأحد أهم أسباب العديد من الأمراض القاتلة والتي تساهم في إهدار مبالغ طائلة من ميزانيات الدول للإسراع في إصلاح ماأ فسده هذا الوباء قبل أن يقضى على من ابتلى به ، مما يكبد الميزانيات العامة خسائر فادحة كان من المفترض أن توجه إلى مشكلات ذات أهمية كبيرة مثل قطاعات التعليم والبحوث العلمية وتطوير الإنتاج والتصنيع والرعاية الاجتماعية ، مما يدفع في تقدم الدول وتطورها.
 
و لاخلاف على أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر من اكثر الدول حاجة إلى أنسأنها . فالمواطنون في الدول الخليجية هم زادها وزوادها ، حاضرها ومستقبلها ، على أكتافهم يجب أن تقوم بلادهم ، وبقدر إمكاناتهم وقدراتهم التعليمية والعلمية والصحية ستتطور بلادهم ، وتتقدم ، وتتبوأ المكانة المرموقة التي لا تعكس فقط قدراتها الاقتصادية ، بل وتاريخها وثقافتها وإسلامها العظيم . وانطلاقا من ذلك تحرص الحكومات على رصد ميزانيات ضخمة من مقدراتها وإمكاناتها المادية للرعاية الصحية ، وقاية وعلاجا ، بمستويات تفوق بكثير ما توجهه كل دول العالم ، النامي والمتقدم منه ، بهدف أن تضمن مستقبل صحي افضل لمواطنيها وبالتالي مستقبل اكثر تقدما لها الذي لن يتحقق بمواطن مريض !!
 
واذكر على سبيل المثال لا الحصر أن المملكة العربية السعودية ترصد سنويا مليارات الريالات لتقديم افضل رعاية صحية متقدمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء من خلال مرافق وزارة الصحة الطبية والصحية المنتشرة في مختلف مناطقها المترامية الأطراف ، بعناية الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولى عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام – حفظهما الله- إدراكا للأهمية الكبيرة للحفاظ على الصحة العامة ، ومعرفة لتأثيراتها الحيوية على مستقبل الوطن ، ولاشك أن جزء كبيرا من هذه الميزانيات تضيع هباء لعلاج الآثار السلبية للتدخين من الأمراض الصدرية والقلبية والسرطان والعياذ بالله ، وهى ميزانيات ضخمة يمكن أن استثمارها في الوقاية من الأمراض أو في التعليم أو الرعاية الاجتماعية أو خدمات تنمية وتحسين مشروعات مياه الشرب أو السكن ..وغيرها من مجالات ذات أهمية بالغة في الوقت الحاضر وللأجيال القادمة إلا أن انتشار داء التدخين وخاصة بين صغار السن من الأطفال والشباب ، بمثابة حجر عثرة للعديد من خطط التنمية !!
 
لذا.. اعتقد انه لا مجال أمام الدول الخليجية في المرحلة القادمة إلا الحفاظ على صحة مواطنيها وشبابها ، وكنوزها البشرية في المستقبل القريب والبعيد ، من خلال التصدي لظاهرة التدخين ، أسوأ واخطر مظاهر العصر الحديث ، وانه لامناص أمامنا سوى العمل بشكل جماعي ، وليس كوزارات صحة فقط بل كافة المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية والأفراد كذلك حيث أن الأمر جد خطير ولابد من التكاتف ومواجهته بكافة الوسائل بالإضافة إلى أهمية العمل على تطوير الآليات للحد من هذا المرض كما تنادى به الاتفاقية الإطارية لمكافحة التدخين ، وتفعيل بنود الاتفاقية ، مما يساعد بفاعلية على الحد من هذا المرض الذي يبدو كما المؤامرة التي توجه خفية لمقدراتنا وطاقاتنا من الشباب ، ثروتنا الحقيقية في التقدم والتطور.
 
وفى يقيني إن لم نقم بتفعيل هذه الاتفاقيات الدولية ونعمل على إنشاء اللجان الوطنية لمكافحة هذا الداء الخطير وذاك الوباء الذي يتفشى بين أبنائنا - رجال المستقبل - سنكون حتما مشاركين في المؤامرة !!  
آخر تعديل : 19 جمادى الثانية 1436 هـ 03:07 م
عدد القراءات :