مدونة عام 2006

الإفراط في شرب الماء يقي من معاودة الحصيات الكلوية
حصيات الكلى مرض منتشر في جميع انحاء العالم بنسبة متفاوتة يسبب الآلام المبرحة والالتهابات البولية والبيلة الدموية ونادراً الفشل الكلوي. معظم اسبابها معروفة وتعود الى زيادة معدل بعض الكيماويات البولية مثل الكلسيوم والاوكسالات والفوسفات وحمض اليوريك والسيستين وغيرها ونقص في المثبطات التي تمنع تكوين الحصاة
 
كالسيترات وبيروفوسفات ونفروكلسين واوستيوبونتين وبعض البروتينات البولية وغيرها. وهنالك عوامل أخرى تساهم في حدوث تلك الحالة المرضية ابرزها التقليل من شرب السوائل، والوراثة والطقس والعرق والمهنة وبعض امراض الجهاز الهضمي وغيرها. وحيثما ان معظم تلك الحصيات مكونة من مواد الكلسيوم والاوكسالات او الفوسفات فسنركز مقالنا هذا على تلك الحصيات املين ان نناقش الحصيات الأخرى في مقالات لاحقة. لقد اثبتت عدة ابحاث ودراسات نسبة عالية لمعاودة تلك الحصيات المكونة على مادة الكلسيوم بعد مرورها التلقائي او معالجتها الدوائية او الجراحية بمعدل حوالي 60٪ في غضون 10 سنوات من تشخيصها مما قد يسبب مجدداً الوجع الشديد مع الغثيان والقيء والبيلة الدموية والالتهابات البولية واحتمال حصول فشل كلوي والقيء اذا ما حصل انسداد كامل او جزئي في الحالب او الكلية لمدة طويلة. فجميع تلك العوامل تشدد على اهيمة تطبيق وسائل وقائية تمنع معاودة تلك الحصيات في اكثر من 90٪ من تلك الحالات اذا ما طبقها المريض حسب الارشادات الطبية.
 
ففي حال الاصابة بأول حصاة كلوية او حالبية وبعد مرورها او تفتيها او استئصالها وفي حال غياب اي عامل وراثي او امراض أخرى تقترن بحدوث الحصيات البولية خصوصاً عند الكهول من الرجال فلا تستدعي تلك الحالات عادة الاختبارات المكثفة على البول المجموع لمدة 24 ساعة وعلى الدم وتقتصر التحاليل على معدل الكلسيوم والفوسفات وحمض اليوريك والكرياتينين وبعض الكهارل كالصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد في الدم والتحليل المجهري ومزرعة البول. وينصح المريض او المريضة في الافراط في شرب السوائل بكمية توازي حوالي 3 ليترات يومياً والتقليل من تناول الملح واللحوم الحمراء. واما في حال معاودة الحصيات او زيادة حجمها في الكلية او اذا ما اشتبه بوجود استقلابية للاصابة بها ونكسها فيستوجب ذلك القيام بتحاليل متطورة على الدم والبول لكشف اسباب تكوينها وتطبيق معالجة وقائية لها قد تمنع معاودتها في اكثر من 90٪ من تلك الحالات. والجدير بالذكر انه من الضروري متابعة هؤلاء المرضى دورياً والقيام بالتحاليل المخبرية والاشعة المقطعية لهم لمراقبة جهازهم البولي وتعديل العلاج اذا ما لزم الامر والتأكد من نجاح المعالجة.
 
ومن ابرز الوسائل الوقائية الافراط في شرب السوائل لزيادة كمية البول المفروزة خلال 24 ساعة الى اكثر من ليترين مما يساعد على «تنظيف» الكلى من اية رواسب وتخفيض تركيز المواد الكيماوية كالكلسيوم والاوكسالات التي تساعد على تكوين الحصيات. وعلينا التشديد على نقطة مهمة طالما يهملها المرضى والاطباء وهي ضرورة شرب السوائل ليس اثناء النهار فحسب بل في الليل ايضاً لتشمل تلك الوقاية مدة 24 ساعة يومياً. وقد اكدت عدة دراسات منفعة فرط شرب السوائل اذ انها اظهرت تدنياً ملحوظاً في نسبة معاودة الحصيات من 27٪ الى حوالي 12٪ بعد مرور حوالي 5 سنوات من البدء في تطبيقها. ولنوع المشروبات اهمية ايضاً اذ انه تبين ان الفرط في شرب المرطبات الى اكثر من ليتر في الاسبوع يزيد معدل نكس المرضى بحوالي 15٪ تقريباً كما هو الحال ايضاً بتناول كميات عالية من الكريب فروت او الليمون الهندي بينما ينفع عصير الليمون الحامض وحتى البيرة او الجعة الى تخفيض معاودة الحصيات بنسبة 40٪ او اكثر.
 
وعلاوة على اهمية فرط شرب السوائل فإن للحمية الغذائية منفعة كبرى في تلك الحالات اذ انه تبين ان تناول كميات عالية من البروتين، وخصوصاً اللحوم الحمراء، يزيد افراز الكلسيوم وحمض اليوريك والسيترات ويساعد على تكوين الحصيات مما يستوجب تخفيض كمية البروتين في الاكل الى حوالي غرام واحد لكل كيلوغرام من الوزن. وللصوديوم الموجود في الملح تأثير عكسي على تكوين الحصيات اذ ان الفرط في تناوله يزيد كمية الكلسيوم في البول مما قد يساهم في معاودة تلك الحصيات ويستوجب التقليل من تناوله الى اقل من 3 غرامات في اليوم. وطالما نصح الاطباء المرضى المصابين بالحصيات التي تحتوي على الكلسيوم من الامتناع عن تناول الحليب ومشتقاته لتخفيض تركيز تلك المادة في البول وقد دحضت الاختبارات الحديثة تلك النظرية وبرهنت ان التقليل من تناول الكلسيوم يزيد بدل أن ينقص نسبة الاصابة بالحصيات لأنه يسبب فرط افراز مادة الأوكسالات في البول بسبب قلة ارتباطها بالكالسيوم في الامعاء وامتصاصها معه عبرها فاذا ما زاد تركيزها في البول فقد يساهم ذلك إلى تكوين حصيات الكالسيوم والأوكسالات الأكثر نسبة بين جميع الحصيات. وقد أظهرت دراسة على 120 رجلاً مصاباً بهذه الحالة مع تركيز طبيعي للكلسيوم في البول عولجوا بأنواع مختلفة من الحميات الغذائية وتوبعوا لمدة 5 سنوات أن الحمية الفقيرة بالبروتين والملح والتي تحتوي على كمية عادية من الكلسيوم أي حوالي 1200 ميلي غرام يومياً تفوقت على الحمية التي تحتوي على كمية ضئيلة من الكلسيوم أي حوالي 400 ميلي غرام يوميا بالنسبة إلى نكس الحصيات الكلوية. وأما في حال زيادة امتصاص الكلسيوم في الامعاء مع فرط افرازه في البول فقد تعتبر تلك الحالة فريدة من ناحية نصح المريض إلى التقليل من شرب الحليب ومشتقاته ولكن يحظر اتباعه إذا ما كان فرط الكلسيوم في البول سببه تسرب غير طبيعي من الكلى لأن ذلك قد يسبب نقصا في تركيزه في العظام والكلية مع مضاعفات خطيرة كالكسور العظمية مثلاً. وقد نصح بعض الخبراء بعض المرضى المصابين بالحصيات، وخصوصا النساء إلى زيادة تناول المواد الغذائية الغنية بالكلسيوم مع تخفيض اللحوم الحمراء والملح كأفضل وسيلة لتخفيض معاودة الحصيات الكلوية التي تحتوي على الكلسيوم.
 
وفي حال معاودة الحصيات بالرغم من الحمية الغذائية أو في حال زيادة حجمها أو تمرير رمل في البول في غضون ستة أشهر بعد اتباع تلك الحمية فقد يستوجب ذلك العلاج الدوائي الخاص حسب نتائج التحاليل المخبرية على البول المجموع خلال 24 ساعة مع اكتشاف زيادة تركيز بعض المواد الكيماوية فيه. ولإنجاح هذا العلاج والوقاية من معاودة الحصيات يجب على المريض أن يتقيد به ويتبعه على المدى الطويل أي لعدة سنوات لا سيما أن عدة اختبارات قد أظهرت أن حوالي 15٪ إلى 40٪ من هؤلاء المرضى فحسب تابعوا هذا العلاج بعد مضي حوالي 3 سنوات منذ بدئه. ففي حالات فرط افراز الكلسيوم في البول لأسباب مجهولة مع استمرار الاصابة بالحصيات الكلوية فإن العلاج المثالي لها يرتكز على حمية تحتوي على معدل طبيعي للكلسيوم مع كمية قليلة من الملح واللحوم الحمراء والفرط في تناول السوائل والمعالجة بمدر البول «الثايازايد» يوميا بجرعة 12,5 مغ إلى 25 مغ مع التأكيد من عدم حصول نقص في مادة البوتاسيوم في الدم، وهذا العلاج لا ينقص افراز الكلسيوم في البول وحسب بل يزيد تركيزه في العظام ويقويها ايضا، وأما إذا ما فشل هذا العلاج فيمكن استبداله بعقاقير أخرى تحتوي على السيترات أو البيكربونات مع البوتاسيوم أو التي تتكون من مادة الفوسفات المتعادل كالأورثوفوسفات مثلا التي قد تعطي نتائج ممتازة في معظم تلك الحالات.
 
وأما اذا ما أظهرت التحاليل البولية فرطا في تركيز مادة حمض اليوريك في البول التي قد تساهم احياناً في تكوين الحصيات الكلسية واذا لم تنجح الحمية الفقيرة بالبروتين الحيواني كاللحوم الحمراء والدجاج والحبوب وغيرها في تخفيض تلك المادة في البول فيجب عندئذ اتباع معالجة دوائية تزيد قلوية البول وتحتوي على ستيرات البوتاسيوم أو البيكربونات وأحيانا عقار «ألوبيرينول» الذي يخفض انتاج حمض اليوريك في الجسم. واما في حال اثبات نقص معدل المثبط البولي «السيترات» في البول الذي يترابط مع الكلسيوم ليشكل مركب ذواب ويمنع تكوين الحصيات الكلسية تتم المعالجة بالبوتاسيوم السيترات أو البيكربونات مع نتائج جيدة في تلك الحالات. وقد نصح الخبراء هؤلاء المرضى بالامتناع من تناول البوتاسيوم كلوريد وعصير الليمون الحلو الذي رغم أنه يزيد كمية السيترات البولية الا أنه بالمرادف يؤدي إلى ارتفاع تركيز الاوكسالات بدون أن يخفض معدل الكلسيوم البولي مما يحد من فعاليته. وأما الليمون الحامض فله مميزات خاصة وينصح باستعماله يوميا بمزج حوالي 120 مغ منه بليترين ماء مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة لمادة السيترات في البول ويساعد على تثبيط تكوين الحصيات.
 
وفي بعض حالات فرط افراز مادة الاوكسالات في البول نتيجة أمراض هضمية أو استئصال قطعة من الامعاء ترتكز المعالجة على تخفيض معدله البولي بفرط تناول السوائل واستعمال عقار البوتاسيوم سيترات أو بيكربونات التي تقيده في الامعاء وتمنع إفرازه في البول مع حمية غذائية خاصة الفقيرة بالاوكسالات كالخضار القاتمة مثل السبانخ والملوخية والحبوب والشوكولا والفراولة والكاكاو واللوز والفستق وعصير الكريب فروت والليمون والهليون والشاي وغيرها والدوهانات الحيوانية وأما اذا تعاودت الحصيات الكلوية بدون أي سبب استقلابي أو فرط بعض المواد الكيماوية البولية، كما قد يحصل بنسبة حوالي 10٪ إلى 20٪ من تلك الحالات فمعالجتها تشمل الفرط في شرب السوائل نهاراً وليلاً مع احتمال المعالجة بمدر البول «الثيازايد» حتى في غياب فرط افراز الكلسيوم البولي أو استعمال البوتاسيوم سيترات أو المغنزيوم السيترات أو الفوسفات غير المقيد الذي يزيد تركيز المثبط البولي «بيروفوسفات» المساعد لمنع بلورات الكلسيوم من الالتصاق بعضها ببعض وتكوين بؤرة يجتمع عليها البلورات الأخرى لتكوين الحصاة.
 
وأما بالنسبة إلى الحصيات المكونة من الكلسيوم والفوسفات بدل الأوكسالات التي تحدث عادة نتيجة حماض كلوي نيبي فإن أفضل معالجة لها تقوم على فرط شرب السوائل وتناول عقار «البوتاسيوم سيترات» لمنع تكوينها أو معاودة الحصيات الكلوية. 
آخر تعديل : 19 جمادى الثانية 1436 هـ 03:07 م
عدد القراءات :